[شرح حديث (سئل رسول الله صلى الله عليه سلم عن البتع فقال كل شراب أسكر فهو حرام)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها قالت: (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البتع فقال: كل شراب أسكر فهو حرام)].
أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها:(أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن البتع).
والبتع هو: الشراب الذي يتخذ من العسل، وهذا السؤال خاص معين، ولكنه صلى الله عليه وسلم أعطى جواباً عاماً؛ لأنه قد أعطي جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم، فلم يكن جوابه أن قال: هو حرام، أو قال: هل يسكر أو لا يسكر؟ وإنما قال:(كل مسكر حرام).
إذاً: الحكم معلق بالإسكار سواء جاء من العسل, أو جاء من التمر، أو جاء من العنب، أو البسر، أو الشعير، أو الذرة أو الحنطة أو أي شيء، فكل مسكر حرام، فكان هذا من جوابه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه الذي يعطي الحكم عن المسئول عنه وزيادة، وأن الأمر منوط بالإسكار سواء كان من البتع المتخذ من العسل، أو أي نوع آخر.
وأما إقامة الحد هل يكون بتناول القليل أو بالإسكار؟ فذكر بعض العلماء أنه يعرف شرب الخمر بالتقيؤ، ومعلوم أن التقيؤ قد يكون بالقليل، وليس بلازم أن يكون بالشيء الذي يسكر، فمن شرب شيئاً وعرف أنه خمر، فيكون الحكم أنه شرب خمراً، وليس الحكم من أجل حصول الإسكار فقط، وإنما من أجل شرب الخمر، ومعلوم أن من شرب قليلاً فقد شرب خمراً، فمن جملة الأشياء التي يستدل بها على شرب الخمر التقيؤ، فالإنسان إذا تقيأ وعرف أنه خمر فمعناه أنه فعل أمراً يقتضي الحد.