للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[آخر مواقيت الصلوات الخمس]

قوله: [(فلما كان الغد صلى بي الظهر حين كان ظله مثله)].

يعني: عندما يكون ظل الشيء مثله، بحيث يبدأ وقت العصر، وليس معنى ذلك التداخل بحيث يكون وأن آخر وقت هذه هو أول وقت هذه، بل عندما تنتهي هذه تبدأ هذه.

قوله: [(وصلى بي العصر حين كان ظله مثليه)].

يعني: أن العصر يبدأ من كون الظل مثله إلى كون الظل مثليه.

قوله: [(وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم)].

ليس في هذا الموضع ذكر للوقت الثاني؛ لأنه في اليوم الأول صلى حين أفطر الصائم وفي اليوم الثاني صلى حين أفطر الصائم، ومن هنا أخذ بعض العلماء أن صلاة المغرب ليس لها إلا وقت واحد، وأن وقتها ليس بطويل، ولكن جاءت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن وقت المغرب إلى وقت العشاء، ووقت العشاء إذا غاب الشفق، فدلت الأحاديث الأخرى على أن صلاة المغرب لها وقت له بداية وله نهاية، فبدايته غروب الشمس ونهايته مغيب الشفق وحضور وقت صلاة العشاء، كما سيأتي في بعض الأحاديث الدالة على ذلك.

قوله: [(وصلى بي العشاء إلى ثلث الليل)].

في هذه الرواية ذكر ثلث الليل ولكن جاء في الروايات الأخرى أنها إلى نصف الليل، وسيأتي ذكر بعض الأحاديث الدالة على ذلك، ولعل التفاوت بين الثلث والنصف سببه أن شخصاً قدر بالثلث وشخصاً آخر قد بالنصف، لكن جاءت الروايات المتعددة محددة ذلك بنصف الليل، وهذا هو الوقت الاختياري، ولكن -كما هو معلوم- ينبغي للإنسان أن يحرص على أن يؤدي الصلاة في أول الوقت؛ لأن تأخيرها إلى آخر الوقت قد يؤدي إلى خروجها عن وقتها، ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، والذي يحوم حول آخر الوقت يوشك أن يخرج الوقت وهو لم يصل، فيكون بذلك قد أخرج الصلاة عن وقتها ويكون مفرطاً، ولكنه إذا بادر إلى الصلاة في أول وقتها يكون بذلك قد بادر إلى الشيء الذي كلف به.

قوله: [(وصلى بي الفجر فأسفر)].

يعني: صلى حتى حصل الإسفار، وجاء في بعض الأحاديث: أن وقت الفجر ما لم تطلع الشمس، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أدرك ركعة من الصلاة قبل أن تطلع الشمس فليضف إليها أخرى) يعني: ويكون بذلك قد أدى الصلاة في وقتها، فوقت الفجر إلى طلوع الشمس، ولكن ينبغي للإنسان المسلم أن يؤديها بغلس وأن يؤديها في أول وقتها كما جاء ذلك عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، لكنها حيث أديت من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس تكون قد أديت في وقتها.

إذاً: على الإنسان أن لا يؤخر الصلاة إلى آخر الوقت؛ لأن ذلك فيه قرب من النهاية، وقد يؤدي ذلك إلى التفريط وإخراج الصلاة عن وقتها، ثم إن من الصلوات ما لها وقت اضطراري ووقت اختياري، فصلاة العصر لها وقت اختياري ووقت اضطراري، فالاختياري يمتد إلى أن يكون ظل الشيء مثليه أو إلى اصفرار الشمس، أما الاضطراري فإلى غروب الشمس، بمعنى: أنه لو نام إنسان ولم يستيقظ إلا قبل غروب الشمس فإنه يصلي العصر في وقتها، وهو الوقت الاضطراري، وكذلك بالنسبة للعشاء، فامتداد وقتها إلى نصف الليل اختياري، وبعده إلى طلوع الفجر اضطراري؛ لأنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ليس في النوم تفريط، إنما التفريط أن يؤخر الصلاة حتى يأتي وقت الصلاة التي بعدها).

قوله: [(ثم التفت إلي فقال: يا محمد! هذا وقت الأنبياء من قبلك، والوقت ما بين هذين الوقتين)].

أي: وقت الصلاة بين هذين الوقتين: الوقت الأول الذي حصل في اليوم الأول، والوقت الثاني الذي حصل في اليوم والثاني، فوقت الصلاة بين هذين الوقتين، وهي أوقات اختيارية كما هو واضح.

<<  <  ج:
ص:  >  >>