[شرح حديث:(من قرأ منكم بـ (التين والزيتون) فانتهى إلى آخرها)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن محمد الزهري حدثنا سفيان حدثنا إسماعيل بن أمية قال: سمعت أعرابياً يقول: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قرأ منكم بـ ((َالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ)) [التين:١] فانتهى إلى آخرها: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ}[التين:٨] فليقل: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين، ومن قرأ:{لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}[القيامة:١] فانتهى إلى: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى}[القيامة:٤٠] فليقل: بلى، ومن قرأ:{وَالْمُرْسَلاتِ}[المرسلات:١] فبلغ: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ}[المرسلات:٥٠] فليقل: آمنا بالله).
قال إسماعيل: ذهبت أعيد على الرجل الأعرابي وأنظر لعله، فقال: يا ابن أخي! أتظن أني لم أحفظه؟ لقد حججت ستين حجة ما منها حجة إلا وأنا أعرف البعير الذي حججت عليه].
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من قرأ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}[التين:١] فانتهى إلى آخرها: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ}[التين:٨] فليقل: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين، ومن قرأ:{أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى}[القيامة:٤٠] فليقل: بلى، ومن قرأ:{فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ}[المرسلات:٥٠] فليقل: آمنا بالله)، وهذا الحديث لا علاقة له بالترجمة وهي: مقدار الركوع والسجود؛ لأنه ليس فيه شيء له علاقة بمقدار الركوع والسجود، وإنما هو قول يقال عند ختام هذه السور الثلاث: سورة القيامة، وسورة المرسلات، وسورة التين، فلا علاقة له بمقدار الركوع والسجود.
ولهذا قال بعض أهل العلم: لعل هذا الحديث تأخر عن مكانه، وأن مكانه هو في الدعاء في الصلاة، وليس في مقدار الركوع والسجود، فليس فيه شيء له علاقة ببيان مقدار الركوع والسجود، بل لم يتعرض فيه للركوع والسجود، ولا لما يقال في الركوع والسجود، وإنما يتعلق بالقول عند قراءة أواخر هذه السور، فيقول في آخر القيامة: بلى، ويقول في آخر المرسلات: آمنا بالله، ويقول في آخر التين: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين.
والحديث في إسناده ذلك الرجل الأعرابي الذي يروي عن أبي هريرة وهو مجهول فلا يحتج بذلك، لكن الجملة التي تتعلق بسورة القيامة سبق أن مرت من طريق صحيحة في حديث الرجل الذي كان يصلي على ظهر بيته وقرأ قول الله عز وجل:{أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى}[القيامة:٤٠]، فقال: سبحانك فبلى، فقيل له في ذلك، فقال: إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولها.
[قال إسماعيل: فذهبت أعيد على الرجل الأعرابي وأنظر لعله، فقال: يا ابن أخي! أتظن أني لم أحفظه؟! لقد حججت ستين حجة ما منها حجة إلا وأنا أعرف البعير الذي حججت عليه].
أي: أن إسماعيل طلب من الأعرابي أن يعيده عليه؛ لعله حصل منه شيء من الخطأ أو الوهم، ففهم ذلك الأعرابي وقال: لعلك تظن أنني قد أخطأت، فقد حججت ستين حجة ما من حجة إلا وأنا أذكر البعير الذي حججت عليه، يعني: ما نوعه، وما اسمه، وغير ذلك من الصفات التي تتعلق به، فهو يشير إلى قوة ذاكرته واستحضاره واستذكاره، وأنه يستذكر تلك الإبل التي حج عليها واحداً واحداً، وهذه مبالغة في حفظه وفي استذكاره وعدم نسيانه.