قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في ميراث ذوي الأرحام.
حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن بديل عن علي بن أبي طلحة عن راشد بن سعد عن أبي عامر الهوزني عبد الله بن لحي عن المقدام رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله وعليه وآله وسلم: (من ترك كلاً فإلي -وربما قال: إلى الله وإلى رسوله- ومن ترك مالاً فلورثته، وأنا وارث من لا وارث له؛ أعقل له وأرثه، والخال وارث من لا وارث له؛ يعقل عنه ويرثه)].
أورد أبو داود باباً في ميراث ذوي الأرحام.
وذوو الأرحام عند الفرضيين هم الذين لا يرثون بفرض ولا بتعصيب، وليس لهم ميراث مقدر ولا غير مقدر، لأن الذين يرثون بالفرض نصيبهم مقدر، والذين يرثون بالتعصيب نصيبهم غير مقدر.
فذوو الأرحام هم الذين لا يرثون لا فرضاً ولا تعصيباً، هذا في اصطلاح الفرضيين, وأما في الشرع وفي اللغة، فإن المقصود بذوي الأرحام الأقارب عموماً، فقول الله عز وجل:{وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ}[الأنفال:٧٥]، المقصود به عموم الأقارب وليس المقصود به ذوي الأرحام في اصطلاح الفرضيين، فالفرضيون يطلقون هذا على من ليس بوارث لا بالفرض ولا بالتعصيب، مثل الجد أبو الأم وبنت البنت والخال والعمة وهكذا.
والعلماء اختلفوا في توريثهم: فمنهم من قال بتوريثهم، وقد قال بذلك عدد كبير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن العلماء من قال بعدم توريثهم، وإذا وجد مال ليس له وارث بالفرض أو التعصيب فإنه يكون في بيت المال.
ومما يتعلق بذوي الأرحام وتوريثهم: أن أكثر الصحابة على القول بتوريثهم، وممن قال بتوريثهم من الأئمة: أبو حنيفة وأحمد، والذين قالوا بعدم توريثهم: مالك والشافعي , ولما كان صاحب الرحبية على مذهب الشافعي ما أورد في أرجوزته ميراث ذوي الأرحام ولا الرد؛ لأن الشافعية لا يقولون بذلك، وكما هو معلوم فإن كثيراً من المسائل الفرضية متفقة بين الأئمة الأربعة، ولكن مسألتي الرد وذوي الأرحام لا يقول بها الشافعية، ولهذا خلت الرحبية من أبيات تبين ميراث الرد وذوي الأرحام، وكان شيخنا الشيخ عبد الله بن صالح الخليفي رحمة الله عليه قد نظم أبياتاً في الرد وذوي الأرحام تضاف إلى الرحبية، وقد أضيفت إليها في بعض الطبعات؛ لأن الرحبية مشهورة عند الناس، وكثير من طلبة العلم يحفظونها ويقرءونها ويبتدئون بها.