ذكر أبو داود رحمه الله بأن كتابه مشتمل على المرسل والمدلس، وقد سبق ذكر أن المرسل عند العلماء يطلق إطلاقين: إطلاقاً خاصاً وإطلاقاً عاماً.
والإطلاق الخاص: هو قول التابعي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، وهذا هو المشهور عند المحدثين.
ويطلق إطلاقاً أعم منه: وهو رواية الراوي عن شخص لم يدرك عصره، أو أدرك عصره ولم يسمع منه.
وروايته عمن لم يدرك عصره يسمونه المرسل الجلي لأنه واضح، فإن كان عاصر ذلك الشخص الذي أضاف إليه الحديث ولكنه لم يلقه؛ فإن هذا يسمونه المرسل الخفي؛ لأنه لا يتفطن له، إذ مع المعاصرة يظن اللقاء.
والمدلس: هو رواية التلميذ عن شيخه ما لم يسمعه منه بلفظ موهم للسماع كعن أو قال، والرواية بهذه الطريقة تسمى تدليساً؛ لأن فيها إيهاماً بالاتصال، والواقع أنه لا اتصال.
ولهذا يقولون في الحديث إذا جاء من طريق فيها صيغة تحتمل التدليس كـ:(عن أو قال): يرتفع التدليس إذا صرح التلميذ عن شيخه بالتحديث في موضع آخر بأن قال: حدثني، أو قال: أخبرني، أو قال: سمعت فلاناً.
والمدلس يذكره بعض المحدثين في أسانيدهم حيث لا يوجد غيره، وقد يصل إلى شخص بإسناد فيه تدليس، ثم يصل إلى شخص آخر بإسناد عند محدث آخر فيه التصريح بالسماع أو التحديث، وعند ذلك لا يضر التدليس في بعض الطرق؛ لأنه لزوال الاحتمال بوجوده من طريق آخر.