قوله:(قال عثمان: حدثنا، وقال ابن العلاء: أخبرنا) هذا من القليل عند أبي داود أو من النادر عند أبي داود، أعني: أن يذكر الفرق بين الروايات فيما إذا كانت بالتحديث أو بالإخبار، نعم قد يذكر كثيراً الفرق بين (عن) و (حدثنا وأخبرنا)، لأن الرواية بالعنعنة والرواية بالتحديث بينهما فرق كبير، فيقول: قال فلان كذا، وقال فلان كذا، لكن كونه يقول: قال فلان: حدثنا، وقال فلان: أخبرنا فهذا قل أن يذكره، والغالب أن حدثنا يستعملونها فيما سمع من لفظ الشيخ، فإذا كان الشيخ يقرأ وهم يسمعون فإنهم يستعملون حدثنا، وإذا كان يُقرأ عليه وهو يسمع وهم يسمعون فإنهم يعبرون عنه بأخبرنا.
ومن العلماء من لا يفرق بين (حدثنا) و (أخبرنا) بل يجعل التعبير واحداً، فيستعمل حدثنا أو أخبرنا في هذا وفي هذا، لكن من العلماء من يفرق بين (حدثنا) و (أخبرنا)، والذي يستعمل هذا التفريق بكثرة هو الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه، فإنه كثيراً ما يقول: قال فلان: حدثنا، وقال فلان: أخبرنا، والإمام مسلم رحمة الله عليه عنده عناية تامة في سوق الأسانيد والمتون بألفاظها والمحافظة على الألفاظ، وعدم الاشتغال بالرواية بالمعنى بالنسبة للمتون.
والحافظ ابن حجر في ترجمته في (تهذيب التهذيب) قال: حصل للإمام مسلم حظ عظيم مفرط في هذا؛ بحيث إنه يحافظ على ألفاظ الأحاديث ولا يشتغل بالرواية بالمعنى، وذكر أعمالاً تميز بها في صحيحه فقال: إنه حصل له حظ عظيم مفرط في صحيحه في المحافظة على الألفاظ وسياقها في أسانيدها ومتونها، وبيان كون هذا يعبر بكذا وهذا يعبر بكذا.