[شرح حديث (رأيت رسول الله يدعو على المنبر بالسبابة)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب رفع اليدين على المنبر.
حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زائدة عن حصين بن عبد الرحمن أنه قال: رأى عمارة بن رويبة بشر بن مروان وهو يدعو في يوم جمعة فقال عمارة: قبح الله هاتين اليدين! قال زائدة: قال حصين: حدثني عمارة رضي الله عنه أنه قال: (لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر ما يزيد على هذه.
يعني السبابة التي تلي الإبهام)].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي [رفع اليدين على المنبر] يعني: ما حكم رفع اليدين على المنبر؟ والمقصود أن الخطيب لا يرفع يديه وهو يخطب على المنبر، إلا إذا استسقى في الخطبة يوم الجمعة فإنه يرفع اليدين؛ لأن ذلك ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما طلب منه رجل أن يستسقي، فرفع يديه ودعا، ولكن في غير الاستسقاء ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه، ورفع اليدين في الدعاء له ثلاثة أحوال: الأولى: حالات كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو فيها بكثرة، ولم يعهد عنه أنه رفع يديه صلى الله عليه وسلم، وذلك في الخطب كما جاء في هذا الحديث الذي أورده المصنف أنه ما كان يرفع يديه، وإنما كان يكتفي بأن يشير بإصبعه السبابة، وكذلك بعد الصلوات المفروضة، فإن النبي عليه الصلاة والسلام كان يصلي بالناس دائماً، ولم ينقل عنه أنه رفع يديه بالدعاء بعد الصلاة.
الثانية: مواضع ورد فيها رفع اليدين، فترفع فيها الأيدي، مثل الوقوف على الصفا والمروة، ومثل الوقوف بعد رمي الجمرات الأولى والثانية، وغيرها من المواضع التي ورد فيها رفع اليدين.
الثالثة: حالات مطلقة ليست من هذا ولا من هذا، فيكون الأمر فيها واسعاً، إن رفع يديه فله ذلك، وإن لم يرفع يديه فله ذلك.
وأورد أبو داود رحمه الله حديث عمارة بن رويبة رضي الله عنه أنه رأى بشر بن مروان وهو أمير يخطب وقد رفع يديه يدعو فقال: [قبح الله هاتين اليدين! لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر ما يزيد على هذا.
وأشار بالسبابة] يعني أنه يشير بالسبابة عند التشهد أو عند ذكر الله عز وجل، ولكن كونه يرفع يديه عند الدعاء فما رآه عمارة بن رويبة رضي الله عنه يفعل ذلك.
والإشارة بالسبابة المقصود بها عندما كان يدعو، وبعض العلماء قال: أي: يشير إلى الناس في الخطبة، والذي يبدو أن المقصود من الإشارة التشهد وأنه يشير بذكر الله عز وجل، وكذلك عند الدعاء عند الخطبة، وقوله: [ما يزيد على هذا.
وأشار بالسبابة] يحتمل أن يكون مقصوده عند التشهد، وأنه يشير عند هذا الموطن فقط، ويحتمل أن يكون المراد عند الدعاء.
ورفع اليدين في الاستسقاء يختلف؛ لأنه يجعل بطونها إلى الأرض في الاستسقاء فقط، وأما في غيره فترفع إلى السماء.