قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب فاتحة الكتاب: حدثنا أحمد بن أبي شعيب الحراني حدثنا عيسى بن يونس حدثنا ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) أم القرآن، وأم الكتاب، والسبع المثاني)].
قوله:[باب فاتحة الكتاب] أي: ما جاء في فضلها وبيان عظم شأنها وعظيم منزلتها.
قوله صلى الله عليه وسلم: [(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) أم الكتاب، وأم القرآن، والسبع المثاني)].
هذا الحديث يدل على عظم شأن الفاتحة، وأنها يقال لها: أم القرآن، ويقال لها: أم الكتاب، ويقال لها: السبع المثاني.
قوله: [(والسبع المثاني)] أي: كونها تثنى في القراءة وتكرر قراءتها في الصلوات؛ لأنها في كل ركعات الصلاة تجب قراءتها، فقيل لها: السبع المثاني، وهي سبع باعتبار أنها سبع آيات، وإحدى الآيات هي البسملة على أحد الأقوال، وهو أنها جزء من سورة الفاتحة، وعلى الأقوال الأخرى التي منها أنها آية ولكنها ليست من الفاتحة ولا من غيرها تكون الآية الأخيرة آيتين، فقوله تعالى:{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}[الفاتحة:٧] آية، وقوله تعالى:{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}[الفاتحة:٧] آية، ويدل على هذا القول الحديث القدسي الذي يقول الله عز وجل فيه:(قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين نصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة:٢] قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال:{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[الفاتحة:٣] قال: أثنى عليّ عبدي، وإذا قال:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة:٤] قال: مجدني عبدي، وإذا قال:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة:٥] قال: هذه بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل) فقوله: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) هو لله، وقوله:(وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) هو للمخلوق، وعلى هذا تكون الآية الوسطى هي:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة:٥] فيكون بعدها ثلاث آيات وقبلها ثلاث آيات، وعلى أن البسملة هي الآية الأولى تكون الآية الوسطى التي تتوسط السبع هي:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة:٤] فالفاتحة يقال لها: السبع المثاني؛ لأنها تثنى في القراءة وتعاد في القراءة وتكرر في القراءة، وسيأتي أن (السبع المثاني) لفظ يطلق على سور أخرى من القرآن.