[شرح حديث (إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا لك الحمد)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن سمي عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه)].
هذا الحديث دليل على أن المأموم يحمد ولا يسمع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(إذا قال فقولوا)]، فلو أن الإمام يسمع لقال: وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: سمع الله لمن حمده، لكنه ذكر أنه بعدما يقول هذا يقول بعده ربنا ولك الحمد.
وقوله: [(فإنه من وافق قوله قول الملائكة)] هذا يدل على أن الملائكة يقولون: (ربنا ولك الحمد)، إذاً: هو يقول: ربنا ولك الحمد ليكون بذلك موافقاً لقول الملائكة، فبعدما يقول:(سمع الله لمن حمده) يقول: (ربنا ولك الحمد)، وهذا مثلما جاء في التأمين:(إذا قال الإمام: غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا: آمين، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه)، فهذا فيه دليل على أن الملائكة تحمد، وأن من قال:(ربنا ولك الحمد) بعد قول الإمام: (سمع الله لمن حمده) فإنه قد يوافق قوله قول الملائكة، فالملائكة تحمد والمأمومون يحمدون بعد قول الإمام:(سمع الله لمن حمده).
وقوله: [(غفر له ما تقدم من ذنبه)] المقصود بالذنوب هنا: الصغائر، وأما الكبائر فإنه لابد لها من توبة، فالتكفير هنا إنما هو للصغائر، وأما الكبائر فلا تكفرها إلا التوبة.
ومعلوم أن الملائكة يحضرون مجالس الذكر ويؤمنون، فهم يحمدون بعدما يقول الإمام:(سمع الله لمن حمده)، وكذلك هم يقولون:(آمين) إذا قال الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}[الفاتحة:٧] فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له، وكذلك من وافق قوله قول الملائكة في التحميد، فهم يحمدون، ومن يحمد مثل الملائكة ويقول في الوقت الذي يقول فيه الملائكة:(ربنا ولك الحمد) يغفر له ما تقدم من ذنبه.
ولا يلزم من ذلك أنهم يصلون مع الناس، وإنما يحضرون الصلاة مع الناس.