[شرح حديث ابن مسعود أنه أتاه رجل فقال له: إني أقرأ المفصل في ركعة]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عباد بن موسى أخبرنا إسماعيل بن جعفر عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن علقمة والأسود قالا: أتى ابن مسعود رجل فقال: (إني أقرأ المفصل في ركعة، فقال: أهذاً كهذ الشعر، ونثراً كنثر الدقل؟! لكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ النظائر السورتين في ركعة، النجم والرحمن في ركعة، واقتربت والحاقة في ركعة، والطور والذاريات في ركعة، وإذا وقعت ونون في ركعة، وسأل سائل والنازعات في ركعة، وويل للمطففين وعبس في ركعة، والمدثر والمزمل في ركعة، وهل أتى ولا أقسم بيوم القيامة في ركعة، وعم يتساءلون والمرسلات في ركعة، والدخان وإذا الشمس كورت في ركعة).
قال أبو داود: هذا تأليف ابن مسعود رحمه الله].
أورد أبو داود حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، أنه قال له رجل: إني أقرأ المفصل في ركعة، فقال: أهذاً كهذ الشعر ونثراً كنثر الدقل؟! يعني: بسرعة شديدة وفائقة كهذ الشعر ونثر الدقل، والدقل هو التمر الذي يتساقط ويختلط بعضه ببعض لتساقطه، ثم قال: لكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ النظائر في ركعة، ثم ذكر جملة من السور، وكل سورة تكون نظيرة لسورة.
والحديث في الصحيحين، لكن بدون ذكر تفصيلات هذه السور، وإنما فيه ذكر النظائر التي كان الرسول يقرأ بها، لكن تفاصيلها خارج الصحيحين.
وقد صححه الألباني بدون سرد السور، والحديث متفق عليه بدون سرد السور.
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري عند شرحه لهذا الحديث: ولا خلاف بين العلماء أن قراءة القرآن بغير ترتيل جائزة، وأنه بالترتيل أحسن وأفضل.
[قال أبو داود: وهذا تأليف ابن مسعود].
أي: ترتيب هذه السور هي هكذا في مصحف ابن مسعود.
وترتيب السور فيه خلاف بين أهل العلم، فمنهم من قال: إنه باجتهاد الصحابة، ولهذا يقولون: تجوز قراءة هذه قبل هذه، ومنهم من قال: إنه بتوقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن هذا هو الذي حصل في العرضة الأخيرة، أي: بينه وبين جبريل في آخر شهر من شهور رمضان التي عاشها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في السنة العاشرة، والشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في أدب المشي إلى الصلاة يقول: إن جمهور العلماء على أنه بالاجتهاد، قال: وترتيب الآيات واجب لأنه بالنص، وترتيب السور بالاجتهاد لا بالنص في قول جمهور العلماء، ولهذا تنوعت مصاحف الصحابة في كتابتها.
وهذا الفعل من ابن مسعود يقوي هذا القول، فإن مصحفه يخالف ترتيب المصحف الموجود.