للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث قصة الواهبة نفسها للرسول صلى الله عليه وسلم]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في التزويج على العمل يعمل.

حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم جاءته امرأة فقالت: يا رسول الله! إني قد وهبت نفسي لك.

فقامت قياماً طويلاً، فقام رجل فقال: يا رسول الله! زوجنيها إن لم تكن لك بها حاجة.

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: هل عندك من شيء تصدقها إياه؟ فقال: ما عندي إلا إزاري هذا.

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنك إن أعطيتها إزارك جلست ولا إزار لك، فالتمس شيئاً.

قال: لا أجد شيئاً.

قال: فالتمس ولو خاتماً من حديد.

فالتمس فلم يجد شيئاً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فهل معك من القرآن شيء؟ قال: نعم، سورة كذا وسورة كذا لسور سماها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قد زوجتكها بما معك من القرآن)].

أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: [باب في التزويج على العمل يعمل] فقد ذكر فيما مضى التزويج على المهر الذي هو مال يدفع للمرأة، وهنا في هذه الترجمة ترجم بحصول العمل الذي يعتبر في مقابلة مال؛ لأنه قد يكون الرجل ليس عنده مال ولكن عنده قدرة على أن يعمل عملاً.

فيكون عمله هذا صداقاً لها مقابل الأجرة التي كان سيعطاها.

وقد جاء في القرآن في قصة موسى عليه الصلاة والسلام مع الرجل الصالح أنه قال: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص:٢٧] فهو عقد على عمل.

وهنا في حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج هذا الرجل على أن يعلمها شيئاً من القرآن، أي: على عمل يقدمه لها وهو تعليمها شيئاً من القرآن، فدل هذا على أن المهر يمكن أن يكون عملاً وأن يكون منفعة بدلاً من كونه عيناً أو نقوداً.

فحديث سهل بن سعد موافق للترجمة من جهة أنه زوجه على عمل يعمله لها.

<<  <  ج:
ص:  >  >>