حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن بكير عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال:(أصيب رجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ثمار ابتاعها فكثر دينه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تصدقوا عليه؛ فتصدق الناس عليه، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك)].
أورد أبو داود باباً في وضع الجوائح.
والجوائح هي الآفات التي تحصل للثمار كالجراد أو المطر والبرد وغير ذلك من الآفات التي تصيب الثمرة، وسبق أن الثمر لا تباع إلا بعد بدو الصلاح، وأنه قبل بدو الصلاح لا يجوز بيعه أصلاً، والعقد غير صحيح بل باطل، إلا إذا كان سيجز ويباع بسرًا، فإنه لا بأس بذلك، ولكنه إذا اشتراه بعد بدو الصلاح ثم حصلت جائحة، فإنها توضع، بمعنى: أنه لا يلزم المشتري دفع مال مقابل هذا الذي تلف، وإنما يتلف على حساب المالك وليس على حساب المشتري، وقد سبق أن مر بنا الحديث:(بم يأخذ أحدكم مال أخيه).
أورد حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه (أصيب رجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمارٍ ابتاعها؛ فكثر دينه).
يعني: خسر فيها، وأنه تركها حتى حصل الجذاذ وأصابتها آفة، أو أنه حصل أن هبطت قيمتها، ولم يكن لها قيمة، فكثر دينه، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتصدق عليه فجمع له مقداراً من المال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(خذوه وليس لكم إلا ذلك)، فالمقصود من قوله:(خذوه): خذوا هذا الموجود والباقي في الذمة، {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}[البقرة:٢٨٠]؛ لأن هذا ليس من قبيل وضع الجوائح فليس من قبيل أن الثمرة بيعت على رءوس النخل بعد ما بدا صلاحها ثم أصابتها جائحة فتوضع، بمعنى أن المشتري ملزم ولهذا قال:(تصدقوا عليه، وقال: ليس لكم إلا ذلك) يعني في الوقت الحاضر، والباقي نظرة إلى ميسرة:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}[البقرة:٢٨٠]، فهو ليس من قبيل وضع الجوائح التي جاء الحديث بوضعها.