قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الرجل يصلي مختصراً.
حدثنا يعقوب بن كعب حدثنا محمد بن سلمة، عن هشام عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال:(نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاختصار في الصلاة).
قال أبو داود: يعني: يضع يده على خاصرته].
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي (باب الرجل يصلي مختصراً).
يعني: أن الاختصار لا يسوغ، لكن ما المراد بالاختصار؟ سبق لـ أبي داود رحمه الله أن عقد الترجمة فقال:(باب التخصر والإقعاء في الصلاة)، وأورد حديث عبد الله بن عمر الذي فيه أن رجلاً صلى بجواره ووضع يده على خاصرته، فنهاه عبد الله بن عمر فقال: هذا هو الصلب في الصلاة، وقد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهناك أتى في الترجمة بالتخصر، وجاء التنصيص على كون الفعل وضع يده على خاصرته في الصلاة، ولكن هنا قال:(باب الاختصار في الصلاة)، وهناك أورد حديث ابن عمر وهنا أورد حديث أبي هريرة، والمعنى واحد من حيث إن الاختصار هو وضع اليد على الخاصرة، ولكن لماذا أعاد هنا الترجمة؟ قال: لأن في الحديث احتمالات، قالها بعض أهل العلم في تفسير الاختصار، أما ذاك فليس فيه احتمالات، لأنه هناك وضع يده على خاصرته فنهاه، وأما هنا فقال:(نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاختصار في الصلاة).
إذاً: الاختصار الذي جاء في حديث أبي هريرة أورد بعض أهل العلم احتمالات غير احتمالات وضع اليد على الخاصرة، فمنهم من قال: يعتمد على مخصرة وهي العصا، فلما كان هناك احتمالات أتى بهذا الحديث في هذا الباب، وفسره أبو داود بأنه وضع اليد على الخاصرة، وعقبه بالباب الذي فيه الاعتماد على العصا، فلما كان فيه احتمال أن يكون المراد بالاختصار الاعتماد على مخصرة في الصلاة.
فإذاً: قوله: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاختصار في الصلاة)، معناه، أن يضع يده على خاصرته، ويكون مثل حديث ابن عمر الذي سبق أن مر في باب التخصر في الصلاة، ولعل هذا هو السبب الذي جعل أبا داود رحمة الله عليه يعقد هذه الترجمة مع أن تلك الترجمة السابقة تشابهها؛ ليبين أن احتمال غير وضع اليد على الخاصرة غير صحيح.