[شرح حديث (من وجد عين ماله عند رجل فهو أحق به ويتبع البيع من باعه)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الرجل يجد عين ماله عند رجل.
حدثنا عمرو بن عون حدثنا هشيم عن موسى بن السائب عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من وجد عين ماله عند رجل فهو أحق به، ويتبع البيع من باعه)].
أورد أبو داود: باب في الرجل يجد عين ماله عند رجل.
وتأتي كثيراً التراجم بذكر الرجل، وهذا ليس له مفهوم، بمعنى أن المرأة لا تختلف في ذلك، فحكم الرجال والنساء سواء، وإنما يأتي ذكر الرجال لأن الغالب أن الخطاب معهم، وإلا فإن النساء مثل الرجال في ذلك، والأحاديث التي مرت قريباً في الرجل يجد متاعه عند رجل قد أفلس، وكذلك المرأة إذا وجدت متاعها عند رجل قد أفلس أو عند امرأة قد أفلست، وكذلك الدائن سواء كان رجلاً أو امرأة فلا فرق بين هذا وهذا، والأصل هو التساوي بين الرجال والنساء في الأحكام إلا إذا جاء نصوص تميز بين الرجال والنساء في الأحكام فعند ذلك يصار إليها، وإلا فإن الغالب أن ذكر الرجال إنما هو لكونهم مخاطبين، ولهذا يأتي في الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم:(لا تتقدموا رمضان بيوم أو يومين إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه)، وكذلك المرأة إذا كانت تصوم فوافق صومها يوم الثلاثين.
وهذه الترجمة: وجد عين ماله عند رجل، لا تعارض الأبواب السابقة التي فيها ذكر المفلس؛ لأن هذا يتعلق بالغصب، إذ معناه: إن يسرق مال إنسان أو يغصب ثم يجده عند شخص، وهذا الشخص ليس هو الغاصب وإنما اشتراه من الغاصب أو وهبه له الغاصب، فلصاحب المال أن يأخذه، وله أن يطالب هذا الذي بيده ماله بأن يسلمه له، ثم هذا الذي أخذت منه العين التي كانت مغصوبة يرجع على البائع الذي باعه وأخذ منه الفلوس وهو لا يملك السلعة، فهذا هو المقصود من هذه الترجمة، ومن حديث سمرة بن جندب.
وهذا الحديث من رواية الحسن عن سمرة، وكما هو معلوم أن الذي ثبت له سماعه منه إنما هو حديث العقيقة فقط، وأما غير ذلك فإذا لم يأت شيء يدل عليه أو يقويه فإنه لا يعتبر ثابتاً، وهذا الحديث جاء من هذا الطريق فهو ضعيف، لكنه صحيح من حيث الحكم ومن حيث المعنى؛ لأن صاحب المال أحق بماله، فإذا سرق مال الإنسان ثم وجد ذلك المسروق بعينه عند شخص من الناس فإنه يطالبه ويأخذه، ثم يبحث ذلك الشخص عن الذي باعه وهو غير مالك، فيأخذ حقه منه.