[شرح حديث (كان النبي صلى الله عليه وسلم يخفف الركعتين قبل صلاة الفجر)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في تخفيفهما.
حدثنا أحمد بن أبي شعيب الحراني حدثنا زهير بن معاوية حدثنا يحيى بن سعيد عن محمد بن عبد الرحمن عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت:(كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يخفف الركعتين قبل صلاة الفجر حتى إنني لأقول: هل قرأ فيهما بأم القرآن؟)].
أورد أبو داود هذه الترجمة:[باب في تخفيفهما]؛ وقد أورد عدة تراجم تتعلق بركعتي الفجر: أولها: إثباتهما، وثانيها بيان أهميتهما، ثم تخفيفهما.
والمراد من تخفيفهما أنه لا يطولهما، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يخففهما، ودليل ذلك حديث عائشة، وما جاء من الأحاديث التي فيها القراءة وأنه يقرأ:(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) و (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) أو آيتين: آية في الركعة الأولى، وآية في الركعة الثانية، وكل هذا يدل على التخفيف، وكونه يقرأ فيهما بـ (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) و (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) أو بآية من سورة البقرة، وآية من سورة آل عمران، أو آيتين من سورة آل عمران كل ركعة يقرأ فيها آية، يدل على تخفيفهما.
وحديث عائشة الذي أورده أبو داود هنا يدل على التخفيف الشديد، بل تساءلت عائشة فقالت:[هل قرأ فيهما بأم القرآن؟] لشدة التخفيف، ولا يعني ذلك أنه لم يقرأ، بل كان يقرؤها (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) و (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، ولكن هذا إشارة إلى التخفيف، وإلى مقارنتهما بركعاته الأخرى، فليستا بشيء من ناحية مقدارهما، فهما خفيفتان جداً.
ويشبه هذا الحديث الذي سبق أن مر قريباً في قضية الشك في وقت الصلاة، إذ المقصود من ذلك أنه يصليها في أول الوقت، حتى إن بعض الناس قد يتردد في الوقت، هل دخل الوقت أو ما دخل؟ ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو إمام الناس، وهو الذي يحافظ على الوقت، وهو الذي يعرف دخول الوقت، ولكن بعض المأمومين لشدة المبادرة إلى الصلاة في أول وقتها يتردد قائلاً: هل دخل الوقت أو لم يدخل؟ والعبرة بالإمام، فهو المسئول عن الوقت، وهو الذي يحافظ على الوقت وغيره تابع له.
فالحاصل أن ذاك معناه المبادرة وعدم التأخر في شيء بعد دخول الوقت، وهنا التخفيف الشديد.