قوله: [(فقام سراقة بن جعشم رضي الله عنه فقال: يا رسول الله! ألعامنا هذا أم للأبد؟ فشبك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصابعه في الأخرى ثم قال: دخلت العمرة في الحج -هكذا مرتين- لا بل لأبد أبد، لا بل لأبد أبد)].
لما أمرهم صلى الله عليه وسلم أن يتحللوا وتحللوا سأله سراقة بن مالك بن جعشم: أرأيت عمرتنا هذه ألعامنا هذا أم للأبد؟ يعني: هل هي خاصة بنا هذه السنة فقط أو أنها مستمرة ودائمة وباقية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [(لا بل لأبد الأبد)] يعني: أنها مستمرة، وليست خاصة بكم.
قوله: [(وشبك بين أصابعه، وقال: دخلت العمرة في الحج)] وهذا بالنسبة للعمرة التي هي عمرة التمتع، والتي هي منفصلة عن الحج، يعني: دخلت العمرة في وقت أشهر الحج؛ لأن العمرة التي هي عمرة التمتع تكون في أشهر الحج.
إذاً: العمرة التي تكون مستقلة عن الحج ليست مقرونةً معه، وهي التي سئل عنها وقال عليه الصلاة والسلام:(لأبد الأبد)، فدل ذلك على أن هذه ليست خاصة بأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه لما كان أهل الجاهلية يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بذلك، والنبي عليه الصلاة والسلام قبل ذلك كان قد اعتمر في السنة السادسة، وفي السنة السابعة، وفي السنة الثامنة، وكلها كانت في ذي القعدة وهي من أشهر الحج، فقد عرفوا الحكم في ذلك، وأيضاً هذه الحجة كان معهم من هو محرم بالعمرة فقط، والنبي صلى الله عليه وسلم خيرهم بين الإفراد والقران والتمتع، وكان أمهات المؤمنين متمتعات وكن محرمات بالعمرة والعمرة موجودة، ولكن إما أن العمرة المنفردة دخلت في الحج في وقته، وهي التي سئل عنها، أو أن العمرة التي مع الحج دخلت في أعمال الحج، لكن إذا كان الإنسان أحرم بحج وعمرة وساق الهدي، فإن العمرة موجودة مع الحج وهي داخلة في أعماله وليست منفصلةً عنه، ولكن الحديث والسؤال إنما جاء فيما يتعلق بالعمرة المنفصلة التي هي عمرة التمتع.
إذاً: التمتع حكم مستمر وليس خاصاً بأصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهم وأرضاهم.