[شرح أثر ابن عمر:(لما قدم المهاجرون الأولون نزلوا العصبة)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا القعنبي حدثنا أنس -يعني: ابن عياض - ح وحدثنا الهيثم بن خالد الجهني المعنى حدثنا ابن نمير عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال:(لما قدم المهاجرون الأولون نزلوا العصبة قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يؤمهم سالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنه، وكان أكثرهم قرآناً).
زاد الهيثم:(وفيهم عمر بن الخطاب وأبو سلمة بن عبد الأسد رضي الله عنهما).
أورد أبو داود رحمه الله أثر ابن عمر رضي الله تعالي عنهما أن المهاجرين الأولين لما قدموا المدينة نزلو العصبة أو العصبة بضم العين وقيل بفتحها وقيل بسكون الصاد، وهي مكان في المدينة في جهة قباء.
وقوله:(قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم).
يعني: أن هؤلاء هاجروا أولاً، وتقدموا الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقوله: [(فكان يؤمهم سالم مولى أبي حذيفة وكان أكثرهم قرآناً)].
وسبب إمامته بهم أنه كان أكثرهم قرآناً، وهذا فيه دليل على تقديم الأقرأ، ومن المعلوم أن الأقرأ عند الصحابة هو الذي يكون أقرأ وأعلم بالسنة، يعني: عنده قراءة وعلماً ليس مجرد قراءة فقط دون أن يكون عنده علم.
وقوله: [زاد الهيثم: (وفيهم عمر بن الخطاب وأبو سلمة بن عبد الأسد)].
الهيثم هو ابن خالد.
والمقصود أنه كان مولى، ومع هذا كان يؤمهم وفيهم من هو من مشهوري الصحابة ومن أهل الأنساب فيهم، ولكن كان يؤمهم وهو مولى لأنه كان أقرأهم لكتاب الله عز وجل، ومثل هذا ما جاء في صحيح مسلم في قصة ابن أبزى الذي خلفه أميراً لـ عمر بن الخطاب رضي الله عنه على مكة، فلقي عمر رضي الله عنه ذلك الأمير فسأله: من وليت على أهل مكه؟ قال: وليت عليهم ابن أبزى، قال: ومن ابن أبزى؟ قال: رجل من الموالي؟! قال: وليت عليهم مولى؟! قال إنه عالم بكتاب الله عارف بالفرائض، فعند ذلك قال عمر: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين).