القيام للغير إذا كان هناك أمر يقتضي ذلك، كأن يكون شخصاً كبيراً أو له منزلة فيقام له، ولكن حصول التفسح في ذلك حتى مع الكبير هو الأولى، ثم أيضاً صاحب المكان هو أحق بالمكان، فله أن يجلس الناس في الأماكن التي يريد، فليس الأمر لمن يتقدم ويأتي مبكراً، هذا إذا كان المجلس لإنسان، أما إذا كان المجلس مجلساً مباحاً ومجلساً عاماً، وليس خاصاً بأحد، فإن كل من دخل له حق الجلوس، أما إذا كان لجهة معينة سواء لشخص أو إدارة أو مؤسسة، فلهم أن يحجزوا الأماكن المقدمة ويجعلوها لأناس يختصونهم بها، ويقدمونهم فيها، فكونهم كلما جاء إنسان يقولون: اجلس هنا، ويقولون لهذا: اجلس هنا، هذا هو حقهم.
وأما أن يقوم الابن لأبيه ليجلس في مكانه إذا لم يوجد إلا هذا فليس فيه بأس؛ لأن الذي يترتب على هذا إذا كان المجلس قد امتلأ أن أباه سيجلس في الخارج، ومن إكرام الابن لأبيه أن يجلسه مكانه، وهذا لا بأس به، إلا فيما يتعلق بالشيء الذي فيه قربة فليس لأحد أن يقوم لأحد، فإذا كان في الصف الأول مثلاً فلا يصلح أنه يتركه لغيره، فالقرب إذا ظفر بها الإنسان فلا يتركها لغيره عليها.