[شرح حديث:(إن الحلال بين وإن الحرام بين) من طريق أخرى]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي أخبرنا عيسى عن زكريا عن عامر الشعبي قال: سمعت النعمان بن بشير رضي الله عنهما يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول بهذا الحديث، قال:(وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ دينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام)].
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى عن النعمان بن بشير، وفيه التصريح بسماعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: [(وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس)].
وهذا فيه أن هذا المشتبه الذي لا يدرى هل هو من الحلال البين أو من الحرام البين بعض الناس يعلمه، لكن كثير من الناس تخفى عليهم أحكامها، ولا يهتدي إليها كل أحد.
قوله: [(فمن اتقى الشبهات استبرأ عرضه ودينه)].
يعني: من ترك الأمور المشتبهة سلم من أن يعرض دينه لشيء من النقص بأن يفعل أمراً محرماً، وصان عرضه عن أن يتكلم فيه بأن يقال: فلان فعل كذا، وفلان ما عنده ورع، هذا هو معنى (استبرأ لعرضه) ومثله حديث: (مطل الغني ظلم، يحل عرضه وعقوبته) يعني: كون الإنسان عنده حق ثم هو يماطل صاحبه فهو ظلم لصاحب الحق، وهذا المطل يحل عرضه بأن يتكلم فيه صاحب الحق فيقول: منعني حقي، عمل معي كذا وكذا، وعقوبته أي: حبسه إذا كان قادراً على السداد والوفاء ولكنه مماطل.
قوله: [(فمن اتقى الشبهات استبرأ عرضه ودينه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام)].
لأن الأمر إذا كان مشتبهاً ليس واضحاً أنه حلال، فلعله يكون حراماً، فإذا وقع فيه الإنسان فقد وقع في الأمر المحرم، فالاحتياط هو ترك الشبهات، وليس كل من وقع في الشبهات يقع في الحرام، فقد تكون الشبهة حلالاً فلا يقع فيه، لكن من استمرأ أن يأتي الأمور المشتبهة فقد يكون شيء منها حراماً.