[شرح حديث عبد الله بن عمرو في اللقطة]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن ابن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: (عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه سئل عن الثمر المعلق فقال: من أصاب بفيه من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه، ومن خرج بشيء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة، ومن سرق منه شيئاً بعد أن يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجن فعليه القطع -وذكر في ضالة الغنم والإبل كما ذكره غيره- قال وسئل عن اللقطة فقال: ما كان منها في طريق الميتاء أو القرية الجامعة فعرفها سنة، فإن جاء طالبها فادفعها إليه، وإن لم يأت فهي لك، وما كان في الخراب -يعني ففيها- وفي الركاز الخمس)].
أورد أبو داود حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما والذي يقول فيه: (أنه سئل عن الثمر المعلق) يعني: الثمر الذي في رءوس النخل، (فقال: من أخذ منه بفيه) يعني: من أكل لسد حاجته وجوعه (فلا شيء عليه)، وأما إذا اتخذ خبنة أي: قطع منه شيئاً وأخذه في ثوبه، أو أخذه في وعاء من أوعيته فإن عليه غرامة مثليه والعقوبة والتعزير على تصرفه لأنه أخذ الشيء من غير حرز، وأما إذا كان أخذه من حرز فإن فيه القطع إذا بلغ ثمن المجن.
وقيل: لعل الأمر في ذلك أنّّ البساتين ليس عليها جدران أو شيء يحميها، بحيث إن الإنسان لا يدخل عليها في حرزها، وأما إذا كانت محاطة بالجدران، وجاء إنسان ودخل إليها وأخذ شيئاً منها فإنه يقطع به؛ لأنّ ذلك يكون حرزاً، قالوا: وهذا مبني على أن بساتين المدينة لم يكن عليها جدران.
قوله: (فإن آواه الجرين) أي: أنه قطع وجذّ وجعل في الجرين، وهو المكان الذي يجفف فيه الثمر، وهو حرز، فمن أخذ منه شيئاً تبلغ قيمته ثمن المجن الذي وهو ربع دينار فعليه القطع.
والجرين هو المكان الذي ييبس ويجفف فيه، ويكون حرزاً، فمن أخذ منه شيئاً تبلغ قيمته ثمن المجن وهو ربع دينار، أو مقدار ربع دينار وهي ثلاثة دراهم، فإنها تقطع يده، لأنه يكون سارقاً.
قوله: (وذكر في ضالة الإبل والغنم كما ذكره غيره) الذي مضى أنها لك أو لأخيك أو للذئب إن تركتها.
قوله: (وسئل عن اللقطة فقال: ما كان منها في طريق الميتاء أو القرية الجامعة فعرفها سنة)، طريق الميتاء هو الطريق المطروق المسلوك، فإذا وجدها في طريق الميتاء أو في القرية الجامعة فإنه يعرفها سنة، وكذلك أيضاً لو وجدها في فلاة، لكنه نصّ على هذا -والله أعلم- لأنه محل تجمع الناس، فتسقط منهم بعض الأشياء، وأن الغالب عليه أنه إذا عرّف أنه يوجد، بخلاف ما إذا كان في فلاة فإنه قد لا يحصل أن يعثر عليه، أو يأتي ذلك الشخص لذلك المكان الذي حصل فيه التعريف وهو ليس المكان الذي ضاعت فيه الضالة.
فلا يكون ذلك مثل وجوده في قرية جامعة، أو في طريق ميتاء يسلكه الناس ذاهبين آيبين.
قوله: (فإن جاء طالبها فادفعها إليه) أي: إذا وصفها بما هي عليه فادفعها إليه، (وإلا فهي لك) أي: أنه يملكها، ولكنه إن جاء صاحبها فيما بعد فإنه يدفعها إليه.
قوله: (وما كان في الخراب ففيها وفي الركاز الخمس) أي: ما كان في الخربات في الجاهلية، وكذلك في الركاز، وهو المدفون في الأرض، ففيه الخمس يدفعه، والباقي يكون لمن وجده.