[شرح حديث (كان رسول الله إذا قدم من سفر استقبل بنا)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في ركوب ثلاثة على دابة.
حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى قال: أخبرنا أبو إسحاق الفزاري عن عاصم بن سليمان عن مورق -يعني: العجلي - حدثني عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال:(كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر استقبل بنا، فأينا استقبل أولاً جعله أمامه، فاستقبل بي فحملني أمامه، ثم استقبل بـ حسن أو حسين فجعله خلفه، فدخلنا المدينة وإنا لكذلك).
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب في ركوب ثلاثة على دابة.
يريد أبو داود رحمه الله أن الدابة يمكن أن يركب عليها ثلاثة ولكن بشرط أن تكون مطيقة لا يؤثر عليها الركوب ويلحق بها ضرراً.
وقد أورد أبو داود حديث عبد الله بن جعفر رضي الله تعالى عنهما، وكان من صغار الصحابة، وقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم من سفر استقبل بالصغار يعني: أن الكبار يستقبلون الرسول صلى الله عليه وسلم بالصغار معهم، فاستقبل في سفرة قدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بـ عبد الله بن جعفر فأركبه أمامه، ثم استقبل بـ حسن أو حسين -يعني: أحدهما، وهذا شك من الرواي- فجعله وراءه، فكان يجعل الأول أمامه والثاني يجعله وراءه.
وقال: فدخلنا المدينة وإنا لكذلك، يعني: ثلاثة على راحلة، ومعلوم أن عبد الله بن جعفر والحسن أو الحسين كانا صغيرين، والأمر مبني على الإطاقة للدابة، فإذا كانت الدابة مطيقة ولا يلحقها ضرر فإنه يجوز أن يركب عليها ثلاثة أو اثنان، وإذا كان يلحقها ضرر فلا يركب عليها إلا واحد، ومعلوم أن هذين الاثنين اللذين ركبا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم -وهما من صغار الصحابة- كانا صغيرين، فمن ناحية الحمل والثقل فهما ليسا بكبيرين، بل يمكن أن يعادلا شخصاً واحداً أو أقل من ذلك، فكأنه ركب عليها اثنان، ولكن في الحقيقة الحكم يدور مع الدابة وكونها مطيقة أو غير مطيقة، فإن كانت مطيقة حمل عليها أو ركب عليها اثنان أو ثلاثة، وإن كانت لا تطيق فلا يركب عليها إلا من تطيقه.