للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر)]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن يونس حدثنا أبو بكر -يعني: ابن عياش - عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر، ولا يدخل النار من كان في قلبه مثقال خردلة من إيمان)].

أورد أبو داود حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر) هذا في ذم الكبر وبيان خطورته، وأنه من الكبائر، وأن صاحبه متطلب ما ليس له، وتارك للشيء الذي هو له، وهو التواضع الذي يقابله التكبر والترفع والتعاظم.

قوله: (مثقال حبة من خردل من كبر) يعني: شيئاً يسيراً من الكبر؛ فإن ذلك سبب في عدم دخول الجنة، والمقصود من ذلك بيان الزجر والتحذير من الكبر، ولا يعني ذلك أن من يكون كذلك يكون من أهل النار الذين هم الكفار، فإن مرتكب الكبيرة أمره إلى الله عز وجل إن شاء تجاوز عنه وإن شاء عذبه، ولكنه إذا عذبه لا يخلده في النار خلود الكفار، بل لا بد أن يخرج منها ويدخل الجنة، فيكون فاته ما حصل لغيره ممن سلم من الكبر وكان فيمن يدخلون الجنة ولا يعذبون في النار، فإن أهل الجنة في الجنة ينعمون وهو في النار يعذب بسبب كبره.

فهذا لا يعني أنه لا يدخل الجنة أصلاً، فإن الله عز وجل أخبر بأن كل ذنب دون الشرك فهو تحت مشيئته سبحانه وتعالى، وكل ذنب لم يغفره الله عز وجل لمن كان غير مشرك فإنه لا يخلد صاحبه في النار، وإنما يدخل النار إذا شاء الله أن يدخلها ويعذب فيها على مقدار جرمه، ثم يخرج من النار ويدخل الجنة، ولا يبقى في النار إلا الكفار الذين هم أهلها والذين لا سبيل لهم إلى الخروج منها فإن الجنة عليهم حرام.

(ولا يدخل النار من كان في قلبه مثقال خردلة من إيمان) يعني: أنه لا يدخلها دخولاً يكون له خلوداً، وأما كونه يدخلها جزاء على ما عنده من الكبائر التي لم يتجاوز الله عنها فذلك وارد، كما جاءت بذلك الأحاديث الدالة على أن أصحاب الكبائر يدخلون النار إذا لم يعف الله عنهم، ولكنه إذا دخل لا يدخل دخول خلود.

<<  <  ج:
ص:  >  >>