وفي هذا الحديث اتخاذ الرسول صلى الله عليه وسلم الدروع، ولبسه إياها دليل على أن الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سيد المتوكلين، وقد لبس الدروع وأخذ بالأسباب، كما أنه لبس المغفر على رأسه عام الفتح، فدخل مكة وعلى رأسه المغفر، فهو عليه الصلاة والسلام سيد المتوكلين، وقد أخذ بالأسباب، فالأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل، وإنما الذي ينافي التوكل أن يعتمد الإنسان على الأسباب ويغفل عن مسبب الأسباب، فهذا هو الذي يؤثر.
أما إذا أخذ بالأسباب واعتمد على الله، وعلم أن كل شيء بقضاء الله، فإن ذلك لا ينافي التوكل، والنبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى هذا كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال عليه الصلاة والسلام:(المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير.
احرص على ما ينفعك واستعن بالله)، وهنا قوله:(احرص على ما ينفعك واستعن بالله)، فيه الإرشاد إلى الأمرين وهما: الأخذ بالأسباب، والتعويل على مسبب الأسباب، فإنه قوله:(احرص على ما ينفعك) أخذ بالأسباب المشروعة، ومع أخذه بالأسباب لا يعتمد على الأسباب ويغفل عن الله، بل عليه أن يسأل الله عز وجل ويستعين به، ويسأله أن يحقق له ما يريد.
فإذاً: الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام سيد المتوكلين، وقد لبس الدروع ولبس المغفر صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.