وما جاء في هذا الحديث من كون النائب يدخل في الصلاة، فيدخل الإمام الأصلي بعد دخول ذلك النائب، فهذا فيما إذا كان في الركعة الأولى، أما بعد ذلك فإن الأولى أن يستمر النائب في الصلاة، وألا يدخل الإمام الأصلي في الصلاة وقد مضى بعض ركعاتها، وذلك كما ثبت أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه، كان في سفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة من الغزوات؛ والرسول صلى الله عليه وسلم تأخر هو والمغيرة بن شعبة، وجاء وقت صلاة الصبح، فتقدم عبد الرحمن بن عوف وصلى بالناس، ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد مضى ركعة، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصف وصلى بصلاة عبد الرحمن بن عوف، ولما سلم عبد الرحمن بن عوف من الصلاة، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي الركعة التي فاتته، هو والمغيرة بن شعبة.
وهذان الحديثان يدلان على التفريق بين هذين الأمرين في كون الإمام يدخل في الصلاة ويكون إماماً، وفي كونه يترك النائب الذي ناب عنه يتم الصلاة، ويقضي الإمام الأصلي ما فاته بعد سلام ذلك الإمام النائب.
وفي هذا أيضاً دليل على أنه يمكن للإنسان في صلاته أن يتقدم ويتأخر لمصلحة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم تقدم من الصف الأول إلى المكان الذي يصلي فيه الإمام، وأبو بكر تأخر من المكان الذي يصلي فيه الإمام إلى الصف الأول، فيجوز السير خطوات يسيرة لمصلحة كما حصل من رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومن أبي بكر رضي الله عنه، حيث رجع القهقرى وهو مستقبل القبلة.