قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الله بن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة، أو لكأنما رآني في اليقظة، ولا يتمثل الشيطان بي)].
أورد أبو داود حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(من رآني في المنام فسيراني في اليقظة)] هذا يحمل على أمرين: إن كان الشخص في زمانه صلى الله عليه وسلم ولم يكن قد رآه ثم رآه في المنام، فإنه قد ييسر الله له أن يراه، وأن يهاجر إليه، ثم يرى أن ما رآه في المنام مطابق لما رآه في اليقظة.
قوله: [(أو لكأنما رآني)] يعني: أنه بمثابة من رآني.
قوله: [(ولا يتمثل الشيطان بي)] أي: لا يتمثل به على هيئته التي يعرفها أصحابه، وإلا فقد يأتي الشيطان ويقول: إنه رسول الله ويكون على هيئة ليست هي هيئته، فهذا ليس رسول الله عليه الصلاة والسلام، فلو أن إنساناً رأى في المنام قزماً، أو رأى شخصاً عملاقاً، أو رأى شخصاً ليس له لحية، أو رآه على هيئة خبيثة قبيحة لا تليق بالرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا ليس رسول الله عليه الصلاة والسلام، وإنما تكون الرؤيا مطابقة إذا كانت على الهيئة التي يعرفها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد ذكر الترمذي في الشمائل حديثاً عن ابن عباس:(أن رجلاً من التابعين جاء إلى ابن عباس وقال له: إني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فقال له: صف لنا هذا الذي رأيت؟ فوصفه، قال له: لو كنت رأيته كما رأيناه ما زدت على هذا الوصف شيئاً) يعني: أن رؤياك مطابقة للذي نعرفه من هيئته ومن صفاته الخلقية صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ولهذا لا يقال: إن من رأى النبي صلى الله عليه وسلم قد رآه حقاً؛ لأنه قد يكون رأى شخصاً ليس هو رسول الله، والشيطان لا يتمثل به على هيئته وقد يتمثل به على هيئة أخرى.
وكذلك أيضاً من رآه كما جاء في بعض الأحاديث:(من رآني فقد رآني)، يعني: أنه من رآه على هيئته في المنام فقد رآه؛ لأن تلك الهيئة هي هيئته.
قوله: [(فسيراني)] يعني: أنه سيراه بعد الموت في الدار الآخرة، وتكون رؤيته حقاً.