[الحكم على رواية سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه]
قال المنذري: وسعيد بن المسيب لم يصح سماعه من عمر، فإن كان سمع ذلك من حسان بن ثابت فيتصل.
يعني: هو يحكي الذي قد حصل، فيمكن أن يكون سعيد سمع من حسان، ويمكن أن يكون سمع من عمر؛ لأن ابن القيم رحمه الله ذكر في تهذيب السنن ما يدل على سماعه منه، وأثبت سماعه منه.
قال ابن القيم: وقد تكرر له في هذا الكتاب في مواضع.
يعني: تكرر أن المنذري يقول مثل هذا الكلام.
قال ابن القيم رحمه الله: وبه يعلل ابن القطان وغيره حديث سعيد عن عمر، وهو تعليل باطل أنكره الأئمة كـ أحمد بن حنبل ويعقوب بن سفيان وغيرهما، قال أحمد: إذا لم يقبل سعيد بن المسيب عن عمر فمن يقبل؟! سعيد عن عمر عندنا حجة.
وقال حنبل في تاريخه: حدثنا أبو عبد الله يعني: أحمد بن حنبل، قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا سعيد عن إياس بن معاوية قال: قال سعيد بن المسيب ممن أنت؟ قلت من مزينة، قال: إني لأذكر يوم نعى عمر بن الخطاب النعمان بن مقرن المزني على المنبر.
وهذا صريح في الرد على من قال: إنه ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر.
وقال: يحيى بن سعيد الأنصاري: كان سعيد بن المسيب راوية عمر بن الخطاب؛ لأنه كان أحفظ الناس لأحكامه.
وقال مالك: بلغني أن عبد الله بن عمر كان يرسل إلى ابن المسيب يسأله عن بعض شأن عمر وأمره.
هذا ولم يحفظ عن أحد من الأئمة أنه طعن في رواية سعيد عن عمر، بل قابلوها كلهم بالقبول والتصديق، ومن لم يقبل المرسل قبل مرسل سعيد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وقال الحاكم في علوم الحديث: سعيد بن المسيب أدرك عمر وعلياً وطلحة وباقي العشرة وسمع منهم.
والمقصود: أن تعليل الحديث برواية سعيد له عن عمر تعنت بارد، والصحيح أنه ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر فيكون له وقت وفاة عمر ثمان سنين، فكيف ينكر سماعه، ويقدح باتصال روايته عنه! والله الموفق للصواب وقد أخرجاه في الصحيحين وذكره أبو داود عقب هذا الحديث عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، فذكر الحديث بمعنى ما تقدم دون ذكر الزيادة.