[شرح حديث (فيما سقت السماء والأنهار والعيون العشر)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب صدقة الزرع.
حدثنا هارون بن سعيد بن الهيثم الأيلي حدثنا عبد الله بن وهب أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (فيما سقت السماء والأنهار والعيون أو كان بعلاً العشر، وفيما سقي بالسواني أو النضح نصف العشر)].
أورد أبو داود رحمه الله باب صدقة الزرع، أي: حكم الزكاة في الزرع ومقدارها، وأورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(فيما سقت السماء والأنهار والعيون أو كان بعلاً العشر)] المقصود بالسماء المطر الذي يسخره الله بين السماء والأرض، ثم ينزله، فما شرب من النبات بماء المطر فإن فيه العشر؛ لأنه ليس هناك مشقة على صاحبه في سقيه، وكذلك الأنهار والعيون الجارية التي تجري ولا يحتاج المزارع إلى تعب ومشقة في استعمالها، أو كان النبات بعلاً، أي: يشرب بعروقه، ولا يستخرج له صاحبه ماء ولا يسقي بالنضح، وإنما يشرب بعروقه، أي: أن الماء قريب منه فيشرب بعروقه، فهذا يقال له: بعل كما أنه يقال للذي يسقى بماء المطر: بعل، فهذا فيه العشر.
قوله:(بالسواني أو النضح) السواني: جمع سانية، وهي الإبل أو البقر أو الحمير التي يستخرج الماء بها بواسطة الدلاء الكبيرة، فيكون الرشاء على البقرة -مثلاً- ثم يكون هناك غرب، فتمشي النواضح حتى يصل الماء إلى خارج البئر فيصب في حوض، ثم يسقى به بالسواني، ولهذا يقال للبعير: سانية، ويقال له أيضاً: ناضح، فالناضح والسانية هو البعير الذي يخرج الماء بواسطته، فما سقي بالسواني أو النضح ففيه نصف العشر، وكذلك أيضاً ما في هذا الزمان من المضخات والحفارات التي تأتي بالماء من أماكن بعيدة، ويكون تشغيلها بواسطة التيار الكهربائي، وتخرج الماء بواسطة المضخات والمكائن التي تستخرجه أو يحفظ في مواسير تثبت في الأرض ثم يخرج الماء بواسطة الكهرباء، وهذا من جنس النضح لأنه يتعب عليه، وفيه استهلاك وقود لإخراجه؛ ولذا فإن فيه نصف العشر.
والحاصل أن ما حصل بدون مشقة وبدون عناء وبدون تعب ففيه العشر، وما حصل بمشقة وعناء وتعب واستهلاك أموال ففيه نصف العشر.