للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[سؤال الكافر في القبر وعذابه فيه]

قوله: [(قال: وإن الكافر -فذكر موته- قال: وتعاد روحه في جسده)] الروح تعاد إلى الجسد عند السؤال، ولها اتصال بالجسد وانفصال منه، وتكون على صورة طير كما جاء في الحديث: (أن نسمة المؤمن على صورة طير تعلق بالجنة، وأرواح الشهداء في أجواف طير خضر)، وهذا يدلنا على أن الروح تنعم وحدها، وأيضاً تنعم متصلة بالجسد، والعذاب والنعيم للروح والجسد كما عرفنا.

قوله: [(ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري)].

أي أنه يسأل عن ربه فيخبر بأنه ليس عنده جواب، وأنه لا يدري ماذا يقول.

قوله: [(فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري! فيقولان: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هاه هاه لا أدري! فينادي مناد من السماء: أن كذب، فافرشوه من النار، وألبسوه من النار)].

كذب لأنه بلغته الرسالة، وبلغه العلم عن الرب والدين والنبي، ومع ذلك بقي على كفره، فيكون كاذباً أنه لا يدري، بل كان عالماً في الحياة الدنيا، ولكن الاستكبار والخذلان الذي حصلا له منعاه من الإيمان بالله عز وجل، والدخول في الدين، والشهادة بالألوهية لله عز وجل، والنبوة للرسول صلى الله عليه وسلم، فهو كاذب فيما يقول، وإلا فقد وصله العلم والخبر عن الله وعن الدين وعن النبي.

ولهذا يؤتى له بالفراش من النار، والفراش هو الذي يكون تحته، ويلبس من النار، أي يكون له لباس من النار.

قوله: [(وافتحوا له باباً إلى النار)].

فيأتيه من حرها وسمومها، فيكون معذباً فيها وهو في قبره، كما قال الله عز وجل: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر:٤٦].

قوله: [(ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه)].

وهذا مقابل المؤمن الذي وسع له في قبره حتى صار مد بصره، فهذا أفرش من الجنة، وهذا أفرش من النار، وهذا ألبس من الجنة وهذا ألبس من النار، وهذا فتح له باب من الجنة وهذا فتح له باب إلى النار، وهذا يوسع له قبره حتى يكون مد بصره، وهذا يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه والعياذ بالله! قوله: [(زاد في حديث جرير قال: ثم يقيض له أعمى أبكم معه مرزبة من حديد لو ضرب بها جبل لصار تراباً)].

ومن تعذيبه أيضاً أنه يضرب بهذه المرزبة التي لو ضرب بها الجبل لكان هذا حاله، ولذلك قال: (فيضربه بها ضربة يسمعها ما بين المشرق والمغرب إلا الثقلين، فيصير تراباً، قال: ثم تعاد فيه الروح).

<<  <  ج:
ص:  >  >>