شرح حديث (أما الغلام فكان أبواه مؤمنين) وكان طبع يوم طبع كافراً
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمود بن خالد حدثنا الفريابي عن إسرائيل حدثنا أبو إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: حدثنا أبي بن كعب قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في قوله: {وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ}[الكهف:٨٠] قال: وكان طبع يوم طبع كافراً)].
أورد أبو داود حديث أبي بن كعب من طريق أخرى في قول الله عز وجل:{وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ}[الكهف:٨٠] وفيه قال: (وكان طبع يوم طبع كافراً).
أي: يوم قدرت المقادير قدر أنه كافر، وهذه الآية فيها مثال لما يذكره العلماء من العهد الذكري، أي: كون الألف واللام ترجع إلى معهود تقدم ذكره؛ لأنه قال قبل ذلك:{حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلاماً}[الكهف:٧٤] ثم قال هنا: ((وَأَمَّا الْغُلامُ)) فصارت (أل) في الغلام ترجع إلى (غلاماً) الذي مر ذكره، فيقال له: اللام للعهد الذكري.
ويأتي (أل) للعهد الذهني، أي ترجع إلى معهود في الأذهان مثل:{ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ}[البقرة:٢] فلم يتقدم له ذكر، ولكنه معهود في الأذهان أنه في القرآن.
ومن العهد الذكري قوله في سورة المزمل:{كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ}[المزمل:١٥ - ١٦]؛ لأن (أل) في كلمة (الرسول) ترجع إلى (رسولاً) التي قبلها.