قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الصائم يبلع الريق.
حدثنا محمد بن عيسى حدثنا محمد بن دينار حدثنا سعد بن أوس العبدي عن مصدع أبي يحيى عن عائشة رضي الله عنها:(أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقبلها وهو صائم ويمص لسانها)].
أورد أبو داود هذه الترجمة: باب الصائم يبلع الريق.
كون الصائم يبلع ريقه لا بأس به؛ لأن الإنسان كلما اجتمع الريق في فمه لا يتفل، وإنما يبلع، ولكن كونه يبلع ريق غيره فهذا إدخال شيء أجنبي إلى جوفه؛ لأنه ريق غيره، فكونه يبتلعه معناه أنه جذب شيئاً من الخارج ليس بريقه، فهذا يؤثر.
وأورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها:(أنه كان يقبل وهو صائم) وهذا ليس فيه إشكال؛ لأن الأحاديث التي مرت كلها تدل عليه، فهذه الجملة ثابتة بالأحاديث الأخرى، لكن جملة مص الريق:(كان يمص لسانها) معناه: أن ريقها موجود في لسانها يمصه، فهذا غير ثابت وغير صحيح، فلم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه جاء من طريق غير صحيح، فيكون الحديث ليس فيه دليل على أن الصائم يمص ريق غيره أو يبلع ريق غيره، أو أنه يأتي بشيء من الخارج يبتلعه.
لكن بلع الريق من الإنسان نفسه لا بأس به، وهذا شيء لا بد منه، فبعض الناس يمكث مدة صيامه وهو يتفل، وهذا ليس بصحيح، ولكن المقصود ريق غيره؛ لأنه مثل الماء، فلو أدخل إلى فمه ماء وابتلعه فهو كما لو مص ريق غيره وابتلعه؛ لأنه فيه إدخال شيء من الخارج، فالجملة ليس فيها شيء يدل على الجواز؛ لأن الحديث غير صحيح، وأما الجملة الأولى فهي متفقة مع الأحاديث الأخرى، وثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.