بعد البسملة والحمد لله: نحن أئمة مساجد من أهل السنة في حضرموت بالجمهورية اليمنية، اختلفنا اختلافاً كبيراً في إعلان وفاة ميت من أهل البلد في مكبر الصوت عقب الصلاة، وهو إعلان مجرد عن المدح والثناء، ويقال فيه: توفي فلان بن فلان، والصلاة عليه في مسجد كذا في البلدة الفلانية، وهو أمر لم نعهده في غير البلاد الحضرمية، فمن قائل: إنه لا يجوز؛ لأنه من النعي، ومنهم من قال: بل هو جائز لإعلام الناس بالوفاة وقد أعلن النبي صلى الله عليه وسلم وفاة النجاشي وغيره، ومنهم من قال: الإعلان جائز في أهل البلد الذي فيه الميت من باب تجهيزه والصلاة عليه، ولا يجوز في غير بلده، فيشبه أن يكون النعي المذموم، ومنهم من قال: بل يجوز الإعلان ولو خارج بلدته ما دام يمكن الوصول للصلاة عليه، ومنهم من قال: يجوز وإن لم يستطع الوصول إليه، والصلاة عليه، وللعلم يا شيخ! نحن نحب تأليف قلوب الناس، وهم حديثو عهد بسنة لا يحبون الاختلاف، ومسجد يعلن ومسجد لا يعلن، ومنهم من قال: إن الصلاة إذا أعلنت في مسجد لأهل البدع ممن يدعون غير الله، فلا يجوز الإعلان عن الصلاة عندهم، وإذا أعلنت عند أهل السنة فيعلن عنها، فأفتونا مأجورين.
الجواب
الإعلان مطلقاً بأن كل ميت يعلن عنه في المساجد بأنه توفي هذا غير صحيح، ومعلوم أن الجنائز يصلى عليها في مساجد معينة، فالإمام لا يعلن بمكبر الصوت، إنما يخبر الناس بأي وسيلة: أن في المسجد الفلاني جنازة، ولا يحتاج أن يسمى شخصاً، وإنما يقول: في المسجد الفلاني جنازة ويركب سيارته ويذهب يصلي مع الناس؛ لأنه في نفس الوقت، وأولئك أيضاً يكون من عادتهم أن يتأخروا قليلاً، فهذا يبدو أنه لا بأس به؛ لأن فيه تكثيراً للمصلين، وتكثير الشفعاء للميت.
وأما أن يعلن عن كل ميت، وأنه يحتاج الناس إلى أن يسافروا أو يذهبوا من بلد إلى بلد، فهذا ليس له وجه، لكن بالنسبة للبلد يبدو أنه لا بأس به، فكون الإمام يقول: إن المسجد الفلاني فيه جنازة يصلى عليها، وبعد الصلاة يذهبون ويدركون تلك الجنازة ويصلون عليها، هذا يبدو أنه لا بأس به؛ لأنه ليس نعياً، وإنما هو تنبيه إلى المشاركة في تحصيل هذا الأجر، من الصلاة عليه، ومن اتباع جنازته، فالذي يبدو أن مثل هذا لا بأس به، وأما قضية الإعلان عن كل ميت في كل مسجد، أو أنه يحتاج إلى أن يسافر، وتحبس الجنائز من أجل أن يحضر الناس لكل ميت؛ فهذا لا وجه له.