قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن خلاد بن السائب الأنصاري عن أبيه رضي الله عنه:(أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: أتاني جبريل صلى الله عليه وسلم فأمرني أن آمر أصحابي ومن معي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال أو قال: بالتلبية، يريد أحدهما)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث السائب بن خلاد رضي الله عنه:(أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فأمرني أني آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال أو بالتلبية، يريد أحدهما) أي: أن رفْع الصوت بالتلبية لا يحصل مضرة على الناس، وهذا بالنسبة للرجل، وأما المرأة فتلبي بدون رفع الصوت، ويكون ذلك بحيث تسمعها صاحباتها، ولا يسمعها الرجال، والذين يرفعون أصواتهم هم الرجال، لكن بلا مشقة، وبلا إزعاج.
وهذا فيه دليل على أن الإنسان يرفع صوته بالتلبية والإهلال، وهذا ليس بلازم؛ لأن التلبية نفسها ليست بلازمة، فلو لم يأت بها لا يترتب على ذلك شيء، ولا يلزمه شيء، فهي من المستحبات التي ينبغي أن يأتي بها، ولكن لو لم يأت بها لا يقال: إن حجه نقص، أو أنه ترك أمراً يحتاج فيه إلى جبر، فالتلبية سنة، ورفع الصوت بها سنة.