حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن منصور عن ذر عن يسيع الحضرمي عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وعلى وسلم قال:(الدعاء هو العبادة ((قَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)) [غافر:٦٠])].
قوله:[باب الدعاء] الدعاء هو الطلب والسؤال من الله عز وجل، وقد يطلق ويراد به ذكر الله عز وجل، ويكون من قبيل دعاء العبادة؛ لأن الدعاء نوعان: دعاء عبادة ودعاء مسألة، فدعاء المسألة هو كون الإنسان يسأل ويقول:(رب اغفر ل) ي، (رب ارحمني)، (رب هب لي كذا)، (رب اصرف عني كذا)، ودعاء العبادة يدخل تحته الذكر، فهو عبادة لله عز وجل وليس مسألة.
وقوله: [(الدعاء هو العبادة)] يدلنا على عظم شأن الدعاء، وهذا اللفظ كأنه حصر، وهو مثل قوله:(الحج عرفة)، ومثل قوله:(الدين النصيحة) إذاً: الدعاء له شأن عظيم، وهو عبادة لله عز وجل، فيسأل الإنسان ربه، ويعول عليه، ويسأل حاجاته منه ولا يسأل غيره، كما جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام:(إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله)، وفي سورة الفاتحة:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة:٥].
فقوله: [(الدعاء هو العبادة)] يدلنا على عظم شأن الدعاء، وأنه من أنواع العبادة، وأنواع العبادة كثيرة، ومنها: الدعاء، والخوف، والرجاء، والتوكل، والرغبة، والرهبة، والإنابة، والاستغاثة، والاستعانة، والخشية، كل ذلك من أنواع العبادة.
وجاء في حديث ضعيف:(الدعاء مخ العبادة)، وأما قوله: [(الدعاء هو العبادة)] فهو حديث صحيح.
وقوله تعالى: [(((وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)) [غافر:٦٠])] فيه أمر بالدعاء ووعد بالإجابة، ثم قال بعد ذلك:{إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[غافر:٦٠] فدل هذا على أن الدعاء عبادة.
فهذا حديث عظيم يدل على عظم شأن الدعاء، ولهذا صدر به أبو داود رحمه الله الأحاديث التي تتعلق بهذا الباب الذي هو باب الدعاء.