قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في النهي عن العينة.
حدثنا سليمان بن داود المهري أخبرنا ابن وهب أخبرني حيوة بن شريح ح وحدثنا جعفر بن مسافر التنيسي حدثنا عبد الله بن يحيى البرلسي حدثنا حيوة بن شريح عن إسحاق أبي عبد الرحمن -قال سليمان: - عن أبي عبد الرحمن الخراساني أن عطاء الخراساني حدثه أن نافعاً حدثه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد؛ سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم).
قال أبو داود: الإخبار لـ جعفر، وهذا لفظه].
أورد أبو داود:(باب في العينة)، والعينة: هي أن يبيع الإنسان سلعة بثمن مؤجل ثم يشتريها بائعها بسعر أقل معجلاً، فتكون النتيجة أن العين رجعت إلى صاحبها وبقيت ذمة المشتري مشغولة بالزيادة، فقيل لها عينة؛ لأن عين العين المشتراة رجعت إلى صاحبها وبقيت الذمة مشغولة بما اشتراها به المشتري أول مرة، بمعنى أنه باعها مثلاً: بألف ريال لمدة سنة ثم إنه اشتراها ممن اشتراها بثمانمائة ريال، فالسلعة رجعت لصاحبها الأول، وبقيت الذمة مشغولة بمائتين.
أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً:(إذا تبايعتم بالعينة واتبعتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد في سبيل الله، سلط الله عليكم ذلاً لا يرفعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم)، والمقصود من ذلك أنهم ركنوا إلى الدنيا، واشتغلوا بالبيع المحرم -الذي هو العينة- وتركوا الجهاد في سبيل الله وأعرضوا عن الآخرة والاشتغال لها، وذلك لكونهم يحرصون على الدنيا وتحصيلها بأي طريق، فهذا هو المذموم، وليس معنى ذلك أن الاشتغال بالزراعة محرم، وكذلك الأخذ بأذناب البقر بمعنى كونهم يستنبطون عليها الماء ويستفيدون منها، فهذا غير محرم، ولكن المذموم أن يكون همهم الدنيا، وأنهم يأخذون الدنيا ولو بطريق الحرام، ويعرضون عن الجهاد في سبيل الله؛ فإن هذا من أسباب الذل والهوان للمسلمين.
وهذا الحديث إسناده صحيح، وهو يدل على تحريم بيع العينة، وكثير من الناس اليوم يتعاملون بها، وبعضهم يعلم بحرمتها ولا يترك التعامل بها! ولو أن شخصاً اشترى سلعة بألف ريال مؤجلة ثم باعها إلى بائع آخر بتسعمائة ريال معجلة، هذه المعاملة لا بأس بها، وتسمى مسألة التورق.
فبيع العينة أن يبيعها على من اشتراها منه، وأما التورق فهو أن يبيعها على شخص آخر.