كيف يكون كلام الله حادثاً، بينما تقول الجهمية: إذا قلتم: حادث فهو مخلوق، فنرجو توضيح مقولة الجهمية التي جعلت الأشاعرة يقولون: إن كلام الله لا يتجزأ، وقالوا بأن القرآن عبارة عن كلام الله؟
الجواب
كلام الله عز وجل لا حصر له ولا بداية له ولا نهاية له، وهو قديم النوع حادث الآحاد، بمعنى أن الكلام الذي حصل لموسى لم يكن في الأزل، فالله يخاطب موسى فيقول:{يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي}[الأعراف:١٤٤]، وذلك عندما جاء موسى لميقاته وسمع كلام الله من الله، أي أن هذا الكلام من الله عز وجل حصل في زمن موسى، وتكلم الله به في زمن موسى، فكلام الله صفة قائمة بنفسه، يتكلم بصوت يسمع تابع لمشيئته وإرادته، وقد سمعه موسى من الله في زمن موسى، وليس كل ما حدث يكون مخلوقاً، بل ما حدث للمخلوقات فهو مخلوق، لكن كلام الله عز وجل الذي يتعلق بمشيئته وإرادته لا يقال: إنه مخلوق، بل هو من جملة كلامه الذي لا حصر له ولا بداية له، فهو قديم النوع، لم يكن متكلماً ثم تكلم، بل هو متكلم بلا ابتداء، لكن لا يقال: إن كل كلامه مضى في الأزل، وإن الله لا يتكلم بمشيئته ولا إرادته.
وهو حادث الآحاد، فإنه كلم موسى في زمنه، وكلم محمداً صلى الله عليه وسلم في زمن محمد صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج، وهو يكلم أهل الجنة إذا دخلوا الجنة.
ففرق بين صفة من صفاته متعلقة بمشيئته وإرادته، تحصل في زمان فيسمعها من أراد الله أن يسمعها، وبين خلق خلقه الله عز وجل الذي هو نتيجة للكلام بحيث يقول الله للشيء: كن، وهو كلام يظهر منه ويبدأ منه، فيكون المخلوق الذي شاءه الله عز وجل والذي أراد أن يكون بكن، كما قال الله عز وجل:{إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[آل عمران:٤٧].
فالقول بأنه حادث الآحاد معناه أنه كلم موسى في زمانه فسمع كلام الله من الله، ولا يقال: إن كلام الله الذي سمعه موسى لم يسمعه في زمانه وإنما هو كلام أزلي.