[شرح حديث أبي ذر (كيف أنت إذا أصاب الناس موت يكون البيت فيه بالوصيف؟)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في قطع النباش.
حدثنا مسدد حدثنا حماد بن زيد عن أبي عمران عن المشعث بن طريف عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا ذر! قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك، فقال: كيف أنت إذا أصاب الناس موت يكون البيت فيه بالوصيف -يعني: القبر-؟ قلت: الله ورسوله أعلم، أو ما خار الله ورسوله، قال: عليك بالصبر، أو قال: تصبر).
قال أبو داود: قال حماد بن أبي سليمان: يقطع النباش؛ لأنه دخل على الميت بيته].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي:[باب في قطع النباش]، والنباش: هو الذي ينبش القبور، ويسرق الأكفان من الموتى، وكثير من العلماء اعتبروا القبر حرزاً، وكونه يفتح القبر ويستخرج منه الكفن فيكون سرق من حرز، وقد أورد أبو داود الحديث هنا؛ لأنه سمى القبر بيتاً، ومعنى ذلك: أن من نبش القبر واستخرج ما فيه فقد استخرج شيئاً من حرز فيقطع بسبب ذلك؛ ولهذا أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي باب في قطع النباش، وأورد أبو داود حديث أبي ذر رضي الله عنه.
قوله: [(كيف أنت إذا أصاب الناس موت يكون البيت فيه بالوصيف؟)].
البيت: الذي هو القبر، بالوصيف: يعني: أنه يشترى بالعبد، أو أنه يحفر القبر وأجرته عبد يدفع له، وذلك لكثرة الموتى، ولحاجة الناس إلى اتخاذ القبور، وأنهم مضطرون إلى أن يدفعوا في مقابل ذلك الوصيف، أو أن الأراضي تضيق على الناس ولا يكون هناك أماكن يدفن بها، فيحتاجون إلى شراء أماكن القبور، أو البقعة التي يدفن فيها الميت ويحفر له فيها قبر يدفن فيه، فتكون قيمتها بالوصيف أي: بالعبد.
وأبو داود رحمه الله أورد هذا الحديث؛ لأنه سمى القبر: بيتاً، ومعنى ذلك: أن من فتح القبر فهو مثل الذي فتح الباب أو كسر ودخل البيت وأخرج ما فيه، فهذا بيت وهذا بيت، هذا بيت للحي، وهذا بيت للميت.