قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا هشام بن سعيد الطالقاني أخبرنا محمد بن المهاجر الأنصاري قال: حدثني عقيل بن شبيب عن أبي وهب الجشمي رضي الله عنه وكانت له صحبة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (تسموا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، وأصدقها حارث وهمام، وأقبحها حرب ومرة)].
هذه كلها أسماء فقط لا تغيير فيها، إذاً: كلمة (تغيير) في التبويب فيها مشكلة وغير واضحة، ولا يجزم بثبوتها؛ لأنه لم يرد ذكر التغيير في تلك الأحاديث كلها، وإنما التغيير في الباب الذي يليه.
وقد أورد أبو داود حديث أبي وهب الجشمي رضي الله عنه وكانت له صحبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(تسموا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، وأصدقها حارث وهمام، وأقبحها حرب ومرة).
قوله:(تسموا بأسماء الأنبياء) جاء من هذه الطريق، وأما الألفاظ الأخرى التي جاءت بلفظ: الأحب والأصدق والأقبح، فقد جاءت في أحاديث أخرى، ولهذا ضعف الألباني هذه الجملة التي جاءت من هذا الطريق؛ لأن في إسنادها رجلاً ضعيفاً، وأما الجمل الأخرى فقد جاءت فيها أحاديث أخرى شاهدة لها ودلت على ما دل عليه هذا الحديث.
والتسمي بأسماء الأنبياء لا شك أنه سائغ، ولكن الشأن فيما هو مأمور به، والرسول صلى الله عليه وسلم سمى باسم إبراهيم، ولما ولد له إبراهيم ابنه قال عليه الصلاة والسلام:(ولد الليلة لي غلام فسميته باسم أبي إبراهيم)، ففيه التنصيص على أنه سماه باسم أبيه إبراهيم، وأيضاً أبو موسى الأشعري لما جاء بولد له فحنكه وسماه إبراهيم، لكن لا أعرف هل قال النبي عليه الصلاة والسلام باسم أبينا إبراهيم أو باسم إبراهيم؟ ولكن فيما يتعلق بابنه إبراهيم عليه الصلاة والسلام قال:(ولد الليلة لي غلام فسميته باسم أبي إبراهيم).
وأما قوله:(أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن)، فهذا مر في الحديث الصحيح الذي قبل هذا.
قوله:(وأصدقها حارث وهمام)، هذا من ناحية مطابقة الاسم للمسمى؛ لأن الإنسان حارث كاسب ومتحرك وعامل، وهمام أي: صاحب هم، وهذه من صفات في الإنسان.
قوله:(وأقبحها حرب ومرة)؛ لأن الحرب فيها دمار وهلاك، ومرة من المرارة، ولفظ الاسم قد يشعر بالمسمى، فيكون في ذلك قبحاً أو سوءاً، وفيه دليل على أن مثل ذلك غيره أولى منه.