[شرح حديث:(من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب فضل الجمعة: حدثنا مسدد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت؛ غفر له ما بين الجمعة إلى الجمعة وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصى فقد لغا)].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة:[فضل الجمعة]؛ لأن الترجمة السابقة تتعلق بفضل يوم الجمعة، وأما هذه ففي فضل حضور وشهود صلاة الجمعة، وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من توضأ يوم الجمعة فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت) يعني: ذهب إلى المسجد واستمع وأنصت للخطبة، ولم يتشاغل عنها بأي شيء (غفر له ما بين الجمعة إلى الجمعة وزيادة ثلاثة أيام) وذلك على اعتبار أن الحسنة بعشر أمثالها.
قوله:(ومن مس الحصى فقد لغا) يعني: من تشاغل بأي شيء عن الخطبة ولو كان بلمس الحصى فإنه يكون قد لغا، أي: أتى بشيء لغو لا يصلح ولا يليق؛ لأنه تشاغل عن الخطبة، وهذا يدلنا على عظم شأن الخطبة، والاهتمام بها، والإقبال عليها، والإصغاء لسماعها، والإنصات لها، فينبغي للحاضر أن يتأمل الخطبة ويعرف ما اشتملت عليه، ويعتبر ويتعظ ويستفيد.
وتغيير الجلسة ليس من هذا؛ لأن الإنسان قد يحتاج إلى تغيير الجلسة، أما أن يتشاغل عن الخطبة بثيابه وبملابسه فهو شبيه بالذي يعبث بالحصى؛ لأن التشاغل موجود.
والإنسان إذا هجم عليه النوم فهو معذور، لكن كونه لا يبالي بالنوم، وما عنده مانع من أن يأتي له النوم، والأمر عنده سيان، فهذا لا شك أنه مقصر ومفرط، لكن الإنسان الحريص على أن يسمع خطبة الجمعة، ولكن إن أصابه نعاس، أو خفقان وهو جالس، فنرجو أن ذلك لا يؤثر.