حدثنا مسدد حدثنا عبد الوارث عن أيوب عن حفصة عن أم عطية رضي الله عنها أنها قالت:(إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهانا عن النياحة)].
لما ذكر الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى الباب المتعلق بالبكاء، وأورد فيه بعض الأحاديث الدالة على أن ذلك لا محذور فيه، وأن هذه رحمة يجعلها الله في قلوب عباده، أورد بعد ذلك هذا الباب فقال:[بابٌ في النوح]، وهو رفع الصوت عند المصيبة بالصياح والبكاء، وهذا هو الذي لا يسوغ ولا يجوز.
وأورد فيه حديث أم عطية رضي الله تعالى عنها، وفيه:(أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخذ علينا عند البيعة ألا ننوح)؛ لأنه عندما كان يبايع النساء كان من جملة ما يأخذ عليهن ألا ينحن، وإنما أخذ ذلك عليهن لأن الغالب أنه يحصل منهن لشدة جزعهن، وأنهن لا يملكن أنفسهن كما يملكها الرجال، ولهذا منع النساء من اتباع الجنائز، وكذلك من زيارة القبور؛ لأن ذلك قد يكون سبباً في نياحتهن، فقد أخذ في المبايعة على النساء ألا ينحن لأنهن مظنة ذلك، ولهذا جاءت الأحاديث التي فيها لعن الصالقة والحالقة والشاقة، بذكر المرأة، وبذكر الضمير، وهو تاء التأنيث، فقد جاء في الحديث:(لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الصالقة والحالقة والشاقة)، ومثلها من حصل منه ذلك من الرجال، فالرجال إذا حصل من أحدٍ منهم شيء من ذلك فله ذلك الحكم، ولكنه أُتي بذلك في حق النساء، لأنه يقع منهن أكثر من الرجال، والصالقة: هي التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: التي تحلق شعرها عند المصيبة، والشاقة: التي تشق ثوبها عند المصيبة، فقد أُتي بهذه الأوصاف مضافة إلى النساء؛ لأنهن مظنة لذلك، ولضعفهن وجزعهن.