قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن عبيد الله بن أبي جعفر عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه)].
أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من مات وعليه صيام صام عنه وليه)، وهذا مطابق للترجمة وهي أن من مات وعليه صيام يصوم عنه وليه، وهذا يشمل الصيام الواجب على الإنسان في أصل الشرع الذي هو رمضان، ويشمل الذي أوجبه الإنسان على نفسه وهو النذر؛ لأن الحديث مطلق فيشمل هذا وهذا.
ومن أهل العلم من قصره على النذر، ولكن الحديث في عمومه يدل على هذا وهذا، وأن للإنسان أن يصوم عن غيره الأيام التي عليه في رمضان سواء بعضها أو كلها إذا كانت لازمة عليه، كما لو أفطر لسفر أو لمرض ثم شفي بعد ذلك وتمكن من القضاء ولم يقض فإنه يقضى عنه، وإما إذا كان أفطر لمرض واستمر به المرض حتى مات فإنه لا يقضى عنه؛ لأنه لم يتمكن من أن يقضي، والقضاء عنه إنما يكون فيما إذا تمكن من القضاء، وهذا فيما يتعلق برمضان، وأما الذي أوجب على نفسه النذر فإنه إذا لم يقم به صام عنه وليه، ويمكن أن يصوم عنه غير وليه كما ذكرنا، فليس الأمر مقصوراً على الولي، ولكن لعل ذكر الولي هو من أجل أن الأقارب يهتم بعضهم ببعض.
والحاصل: أن قوله عليه الصلاة والسلام: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه) كما يدخل فيه صيام النذر يدخل فيه صيام رمضان وكذلك الكفارات، إلا أن الكفارات التي يشترط فيها التتابع لا بد فيها على الذي يصوم أن يصوم متتابعاً؛ لأن القضاء كالأداء، وأما ما لا يلزم فيه التتابع فيمكن أن يشترك عدد من الناس فيه ولا يلزم أن يقوم به واحد، فلو أن إنساناً مات وعليه صيام رمضان أو صيام نذر أيام غير متتابعة، وتوزعها مجموعة من أقاربه فصام هذا بعضها وهذا بعضها فلا بأس، لكن ما يلزم فيه التتابع لا بد أن يصومه واحد صوماً متتابعاً؛ لأن القضاء كالأداء.