للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه في أخذه سيف أبي جهل وقتله به]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الرخصة في السلاح يقاتل به في المعركة.

حدثنا محمد بن العلاء قال: أخبرنا إبراهيم -يعني ابن يوسف، قال أبو داود: هو إبراهيم بن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي - عن أبيه عن أبي إسحاق السبيعي قال: حدثني أبو عبيدة عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: مررت فإذا أبو جهل صريع قد ضربت رجله، فقلت: يا عدو الله يا أبا جهل! قد أخذ الله الآخر.

قال: ولا أهابه عند ذلك، فقال: أبعد من رجل قتله قومه؟! فضربته بسيف غير طائل فلم يغن شيئاً حتى سقط سيفه من يده، فضربته به حتى برد].

أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: [باب الرخصة في السلاح يقاتل به في المعركة].

والترجمة موهمة، ومعلوم أن السلاح يقاتل به في المعركة، وهذا هو الأصل فيه ولا يحتاج إلى ترخيص، ولكن المقصود من ذلك السلاح الذي يكون مع العدو فيأخذه المسلم من الكافر فيقاتل به، فالمقصود سلاح العدو وليس المقصود سلاحه هو؛ لأن الأصل أن كل مسلم يقاتل بسلاحه، والترخيص إنما هو في استعمال سلاح العدو بحيث يأخذ المسلم من عدوه سلاحاً فيقاتل به في المعركة، فالمقصود من السلاح هنا سلاح العدو.

وأورد أبو داود حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه لما كان يوم بدر وجد أبا جهل وقد أصيبت رجله، وكذلك أصيب -أيضاً- في غير رجله، ولكن بقي فيه رمق، فجاء عبد الله وعرفه، وكان معه سيف غير حاد فكان يضربه به في غير طائل، أي: من غير فائدة، فضرب يده فسقط السيف وكان في يده وكان يذب به عن نفسه، أي: ما كان يستطيع الحركة ولكنه يذب عن نفسه بالسيف، فلما سقط سيفه أخذه عبد الله وأجهز عليه به حتى برد، أي: حتى مات وفارق الحياة.

ومحل الشاهد منه كون عبد الله بن مسعود أخذ سيف أبي جهل وضربه به واستعمله في المعركة.

قوله: [مررت فإذا أبو جهل صريع قد ضربت رجله، فقلت يا عدو الله يا أبا جهل قد أخذ الله الآخر].

يعني بالآخر الأبعد.

قوله: [ولا أهابه عند ذلك].

يعني: ولا أهابه عند ذلك لأنه جريح واقع في الأرض.

قوله: [فقال: أبعد من رجل قتله قومه؟!].

قال الخطابي: الصواب أنه (أعمد).

وقوله: [قتله قومه].

معناه أن الذي قد حصل هو أن الرجل قتله قومه.

يريد أن يهون على نفسه المصاب.

قوله: [فضربته بسيف غير طائل فلم يغن شيئاً].

أي: ضربه ابن مسعود بسيف كان معه، وقوله: [غير طائل] يعني: غير مجدٍ وغير مفيد [فلم يغن شيئاً] يعني: ما حصل منه المقصود في كونه يجهز عليه ويجعله يفارق الحياة.

قوله: [حتى سقط سيفه من يده فضربته به حتى برد].

يعني: سقط سيف أبي جهل من يد أبي جهل، فضربه به حتى برد، أي: حتى مات وفارق الحياة.

وقد جاء في بعض الأحاديث أن الذي قتل أبا جهل هما معاذ ومعوذ ابني عفراء.

وهنا ذكر أن الذي قتله ابن مسعود، والتوفيق بينهما أن معاذاً ومعوذاً أجهزا عليه فأردياه وبقي به رمق، فأجهز عليه ابن مسعود رضي الله عنه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>