للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم التسرع في التبديع والتفسيق]

السؤال

نود إيضاح خطر التسرع في التبديع والتفسيق لمن عرف بسلامة العقيدة، وما يترتب على ذلك من الشحناء والهجر والخلاف؟!

الجواب

الواجب على كل مسلم أن يحتاط لدينه وأن يحتاط لنفسه، وألا يقحم نفسه في أمور تعود عليه بالمضرة، بل الواجب هو التناصح بين المسلمين وخاصة أهل السنة والجماعة، ينصح بعضهم بعضاً، ويحسن بعضهم إلى بعض، ويتعاونون فيما بينهم على الخير، ويحذر بعضهم بعضاً مما وقع فيه ليرجع عنه، ولا ينقسم الناس بعد ذلك إلى من يؤيد هذا ضد هذا أو هذا ضد هذا، وإنما الإنسان يحرص على أن يكون الحق هو ضالته التي ينشدها، وأن يحب الخير لكل أحد، فيحب لمن أخطأ أن يرجع.

وأما حصول الاختلاف وشغل الأوقات فيما يحصل بين أهل السنة والجماعة من كلام بعضهم في بعض ومتابعة طلبة العلم لذلك وانشغالهم به ويكون هو شغلهم الشاغل؛ فهذا لا يليق بطالب العلم، بل على طالب العلم أن يحرص على الاشتغال بالعلم وألا يشغل نفسه بقال فلان وقال فلان، ولا يجوز له أن يتبع ذلك الذي اشتغل به من قول فلان وفلان لأنه يترتب على ذلك شحناء وعداوة وهجر وتباغض وتباعد، فإن الواجب هو التناصح والواجب أن يحسن كل واحد إلى الآخر ويحب الخير لنفسه، ويحصل التعاون على البر والتقوى، وأما انقسام أهل السنة إلى متنازعين متخاصمين يتكلم بعضهم في بعض ويبدع بعضهم بعضاً وينال بعضهم من بعض ويهجر بعضهم بعضاً، فهذا ليس فيه مصلحة وإنما فيه مضرة، وكان ينبغي أن تشغل الأوقات في الكلام مع أعداء السنة الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، وأما من كان من أهل السنة وعنده خطأ فإنه يناصح ويجادل بالتي هي أحسن، ويحرص على هدايته وعلى تقريبه وعدم إبعاده ورميه ونبذه.

فالواجب هو التوسط في الأمور والاعتدال فيها، وعدم الإفراط والتفريط، وما يحصل من التفسيق والتبديع والهجر وما إلى ذلك هذا من عمل الشيطان، وهذا من كيد الشيطان للإنسان، بل الواجب كما أشرت هو الاشتغال بالعلم وعدم الاشتغال بمتابعة ما يحصل بين بعض أهل السنة من كلام بعضهم في بعض؛ لأن ذلك يشغل عن العلم ويترتب عليه أمور منكرة مثل ما أشير إليه من حصول الهجر من بعضهم لبعض، وهذا غلط، إذ لو كان كل من حصل منه خطأ يهجر أو يهجر من يقرأ في كتبه أو يسمع كلامه لما سلم من ذلك أحد لأن الجميع معرّض للخطأ وبعض العلماء -ما نقول: كثير من العلماء- حصل منهم أخطاء، والناس ما هجروهم ولا تركوهم ولا تركوا كتبهم، وإنما استفادوا منهم، والخطأ يرد على صاحبه، لكن لا يكون ذلك سبباً لانقسام الناس إلى أقسام وإلى أحزاب، فإن هذا من كيد الشيطان للإنسان.

والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

<<  <  ج:
ص:  >  >>