للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث (احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك)]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا أبي قال.

ح وحدثنا ابن بشار حدثنا يحيى نحوه عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنه، قال: (قلت: يا رسول الله! عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك، قال: قلت: يا رسول الله! إذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: إن استطعت ألا يرينها أحد فلا يرينها، قال: قلت: يا رسول الله! إذا كان أحدنا خالياً؟ قال: الله أحق أن يستحيا منه من الناس)].

أورد أبو داود حديث معاوية بن حيدة رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (قلت: يا رسول الله! عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟) يعني: عمن نستر عوراتنا؟ فقال عليه الصلاة والسلام: (احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك) معنى هذا أن الإنسان ليس له أن يكشف عورته عند أحد من الناس إلا لزوجته وما ملكت يمينه، وملك اليمين ما يباح له وطؤه مما يملك من الإماء، أما إذا كان ملك اليمين هذا ليس فراشاً له وليس له أن يطأها بأن تكون أمة مزوجة ويطؤها غيره أو أمة مشتركة، فإنه ليس له أن يكشف عورته عندها.

وغيره من الناس عليه أن يستر عورته منهم، فبين عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث أن الذي تكشف عنده العورة هو الزوجة فلها ترى عورة زوجها وهو يرى عورتها، وهذا خاص بهما، وكذلك الأمة التي يطؤها سيدها.

قوله: (قلت: يا رسول الله! إذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: إن استطعت ألا يرينها أحد فلا يرينها).

إذا كان القوم بعضهم في بعض، يعني: في مكان واحد ليس فيه انفراد بحيث إن الإنسان ينفرد في مكان يغير ثيابه أو يلبس ثيابه -مثلاً- فليس عندهم إلا مكان واحد فقط، أو غرفة واحدة، أو خيمة، ولا يوجد لديهم أماكن أخرى سوى ذلك.

فالرسول صلى الله عليه وسلم أرشده إلى أن يجتهد في ألا يطلع على عورته أحد، وإذا كان بين الناس فإنه يجتهد أن يلبس ما يستره عندما يخلع الثياب التي عليه ما دام أنه ليس في مكان يخلو به وينفرد به.

قوله: (قلت: يا رسول الله! إذا كان أحدنا خالياً؟ قال: الله أحق أن يستحيا منه من الناس).

أي: إذا كان أحدنا خالياً فهل يتعرى؟ قال: (الله أحق أن يستحيا منه من الناس) يعني أن مثل هذه الهيئة لا تصلح، فالإنسان لا يتعرى حتى حال انفراده إلا للحاجة، مثل الاغتسال أو كونه مع أهله ويحتاج الأمر إلى أن يظهر عورته، فإن ذلك سائغ، وأما ما سوى ذلك فإنه لا يجوز.

<<  <  ج:
ص:  >  >>