قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا النفيلي حدثنا زهير حدثنا عطاء بن السائب عن كثير بن جمهان: (أن رجلاً قال لـ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما بين الصفا والمروة: يا أبا عبد الرحمن! إني أراك تمشي والناس يسعون، قال: إن أمش فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمشي، وإن أسع فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسعى، وأنا شيخ كبير)].
قوله: [(إن أمش فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي، وإن أسع فقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسعى وأنا شيخ كبير)] يعني: أن عدم سعيه كان بسبب الكبر والشيخوخة، ومعلوم للإنسان أن يمشي بين الصفا والمروة إلا عند المكان الذي فيه خطان أخضران يدلان على ذلك الموقع فإنه يسعى فيه ويسرع؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يسرع فيه، وما سوى ذلك فإنه كان يمشي عليه الصلاة والسلام.
ولعل ابن عمر رضي الله تعالى عنهما لكونه شيخاً كبيراً لم يتمكن من أن يسعى في المنطقة التي فيها السعي، واعتذر بأن الرسول صلى الله عليه وسلم وجد منه السعي ووجد منه المشي، والمشي في غير مكان السعي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سعى في بطن الوادي، وكذلك أصحابه سعوا معه، واعتذر ابن عمر بكونه شيخاً كبيراً، وهذا يدل على أن الأمر في ذلك واسع، وأن الإنسان إذا كان عليه مشقة فإن السعي ليس بلازم الذي هو الإسراع في جزء من المسعى، وهو بين العلمين الأخضرين، وقد كان في الأول في بطن الوادي.