قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الرجل يدخل بامرأته قبل أن ينقدها شيئاً.
حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني قال: حدثنا عبدة قال: حدثنا سعيد عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (لما تزوج علي فاطمة رضي الله عنهما قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أعطها شيئاً.
قال: ما عندي شيء.
قال: أين درعك الحطمية؟)].
أورد أبو داود:[باب في الرجل يدخل بامرأته قبل أن ينقدها شيئاً] يعني: قبل أن ينقدها شيئاً من المهر.
وقد عرفنا أنه لا يلزم في العقد ذكر الصداق، وأنه يصح العقد بدون ذكر الصداق، ويمكن الدخول دون أن يدفع الصداق كله أو بعضه، ولا بأس بذلك، فإذا لم يكن هناك شيء مسمى تعين مهر المثل، فللإنسان أن يدخل بامرأته دون أن يكون المهر قد سلم، ولا بأس بذلك، ولكن كونه يدفع لها المهر كله أو بعضه لا شك أنه هو الأولى، وأما من حيث الصحة فإنه يصح أن يعقد عليها دون أن يسمى الصداق ويرجع في ذلك إلى مهر المثل، ويمكن أن يدخل بها قبل أن يحصل تسليمها الصداق.
وأورد حديث ابن عباس أنه قال: [(لما تزوج علي فاطمة قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أعطها شيئاً.
قال: ما عندي شيء.
قال: أين درعك الحطمية؟)].
أي: أعطها أياها.
ويحتمل أن يكون معنى قوله:[لما تزوج علي فاطمة] أنه عقد عليها ودخل بها، ويحتمل أن يكون معناه أنه عقد ولم يدخل بها.
ثم إن المهر واجب لابد منه في النكاح، لكن لا يلزم قبل النكاح وإن كان مستحباً إعطاؤها شيئاً منه أو كله قبل الدخول.
وقوله: [(ما عندي شيء)] يحتمل أن يكون المراد به أنه ليس عنده شيء أبداً، ويحتمل أنه لم يكن عنده شيء يذكر، وسؤال النبي صلى الله عليه وسلم له عن درعه الحطمية بعد قوله: [(ما عندي شيء)] محمول على أن علياً ظن أن مثل الدرع لا يعطى مهراً، والدرع الحطمية ذات قيمة، فإذا ملكتها كانت مهراً لها.