يقول الأصوليون: إن الإجماع لا بد أن يستند إلى دليل شرعي، فكيف يستقيم هذا مع الرواية الضعيفة المجمع عليها؟
الجواب
المسألة خلافية بين علماء الأصول، فمنهم من قال: إن الإجماع يقع دون أن يكون مستنداً إلى نص، ومنهم من قال: إنه لا يكون إلا مستنداً إلى نص، وهذا النص قد يكون قياساً أو عموماً أو نصاً خاصاً في المسألة، المهم أنه مستند إلى دليل، وابن تيمية في كتابه (معارج الوصول إلى معرفة أن أصول الدين وفروعه قد بينها الرسول) صلى الله عليه وسلم ذكر عن ابن حزم أنه قال في كتابه (مراتب الإجماع): ما من مسألة أجمع عليها إلا ولها نص حاشا القراض.
يعني: المضاربة؛ لأن القراض والمضاربة اسمان لمسمى واحد، وكون الإنسان يكون عنده مال ويعطيه لعامل يعمل فيه ويكون الربح بينهما على النسبة التي يتفقان عليها إما على نصفين أو ثلث وثلثين أو ربع وثلاثة أرباع وهكذا.
ثم قال ابن تيمية: ولا شك أن القراض مستند إلى نص؛ وذلك أن هذه معاملة كانت في الجاهلية وقد جاء الإسلام وأقرها، فهي مستندة إلى نص وهو الإقرار؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جاء وهذه المعاملة موجودة والناس يتعاملون بها.
وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذهب بمال لـ خديجة، وكان مضاربة، فهي معاملة كانت في الجاهلية وقد أقرها الإسلام، ومن المعلوم أن الأمور التي كانت تفعل في الجاهلية منها ما جاء الإسلام وقضى عليها وأبطلها، ومنها ما جاء الإسلام وأقرها، مثل: الولي في النكاح؛ فإنه كان في الجاهلية، وقد جاء الإسلام وأقره، ومثل: المضاربة؛ فإنها كانت موجودة في الجاهلية وجاء الإسلام وأقرها، فتكون ثابتة بالسنة، وهي إقرار الرسول صلى الله عليه وسلم بالأعمال التي كانت في الجاهلية ولم يبطلها ولم يلغها صلى الله عليه وسلم، بل أقرها.
فالمسألة فيها خلاف بين أهل العلم، ولكن ابن تيمية نقل عن ابن حزم أنه قال هذا، وابن تيمية قال: إن هذه المسألة التي استثناها ابن حزم هي أيضاً من المعاملات التي كانت في الجاهلية وأقرها الإسلام.