[شرح حديث زيد بن خالد في اللقطة من طرق رابعة]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن حفص حدثني أبي حدثني إبراهيم بن طهمان عن عباد بن إسحاق عن عبد الله بن يزيد عن أبيه يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: (سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكر نحو حديث ربيعة.
قال: وسئل عن اللقطة فقال: تعرفها حولاً، فإن جاء صاحبها دفعتها إليه، وإلا عرفت وكاءها وعفاصها ثم أفضها في مالك، فإن جاء صاحبها فادفعها إليه)].
أورد حديث زيد بن خالد وهو مثل الحديث المتقدم، ثم قال: (أفضها في مالك) يعني: اجعلها ضمن مالك، واصنع بها ما تصنعه بمالك، لكن إن جاء صاحبها فيما بعد فأدها إليه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد وربيعة بإسناد قتيبة ومعناه وزاد فيه: (فإن جاء باغيها فعرف عفاصها وعددها فادفعها إليه)، وقال حماد أيضا: عن عبيد الله بن عمر عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثله.
قال أبو داود: وهذه الزيادة التي زاد حماد بن سلمة في حديث سلمة بن كهيل ويحيى بن سعيد وعبيد الله بن عمر وربيعة: (إن جاء صاحبها فعرف عفاصها ووكاءها فادفعها إليه) ليست بمحفوظة (فعرف عفاصها ووكاءها).
وحديث عقبة بن سويد عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أيضا قال: (عرفها سنة)، وحديث عمر بن الخطاب أيضاً عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (عرفها سنة)].
مر حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه من طرق، وذكر أبو داود هنا بعض الطرق التي أحال فيها على الطرق السابقة، وأشار إلى بعض الألفاظ التي فيها، منها: أنه يعرفها سنة، وأن له بعد السنة أن يستفيد منها، فإن جاء صاحبها دفعها إليه إن كانت ما زالت موجودة، وإن كانت غير موجودة غرم له قيمتها، ثم ذكر بعد ذلك هذه الزيادة التي سبق أن مرت في بعض الطرق عن سلمة بن كهيل، وقد زادها حماد بن سلمة في الحديث وهي: (فإن جاء فعرف عفاصها ووكاءها فأدها إليه)، وقال أبو داود رحمه الله: إن هذه الزيادة غير محفوظة؛ لأنّ حماد بن سلمة تفرد بها.
ولكن هذه الزيادة موجودة في صحيح مسلم، وحماد بن سلمة ثقة، ومع ذلك فقد تابعه عليها زيد بن أبي أنيسة وسفيان الثوري، فهي زيادة ثابتة، فإذا عرف صاحب اللقطة اللقطة ووصفها وصفاً يطابق ما هي عليه: بأن ذكر الوعاء والوكاء ونوعه أو لونه، وكذلك النقود التي في الوعاء ومقدارها وأنواعها، وإذا كانت من العملات الورقية ذكر فئاتها وما إلى ذلك، فإن ذلك يكون كافياً، والمعول عليه في ذلك هذه الرواية الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي في صحيح مسلم.
وبعض أهل العلم يقول: إنه إذا لم يطمئن إلى صحة دعواه فإنه يطلب منه البينة على أنه قد فقد ذلك الشيء.
والصحيح هو الأول بناءً على هذه الزيادة التي جاءت عن حماد بن سلمة وغيره وهي: (إن جاء فعرف عفاصها ووكاءها فإنها تؤدى إليه) دون أن يطالب ببينة، فهذا هو الأولى والأقرب.