[شرح حديث:(من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء عليه)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ابن أبي ذئب حدثني صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء عليه)].
أورد أبو داود حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء عليه) هكذا جاء عند أبي داود: (فلا شيء عليه)، وجاء عند غيره:(فلا شيء له) وفُسر قوله: (فلا شيء له) أنه ليس هناك ميزة ولا فضيلة بصلاته على الجنازة في المسجد على الصلاة في غير المسجد، فالمسجد هو خير البقاع وأشرفها، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم أنه قال:(أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغضها إلى الله أسواقها)، فالمساجد هي أفضل البقاع وأحبها في كل البلدان؛ لأنها محل الذكر والعبادة والطاعة، ومع ذلك من صلى على الجنازة في المسجد لا يقال: إن له ميزة على الصلاة عليه في غير المسجد؛ لأن أكثر ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة عليها أنه كان في غير المسجد، إذاً فالمراد أنه لا يظن باعتبار أن المساجد أفضل البقاع أن الصلاة فيها على الجنازة أفضل من الصلاة عليها في خارج المساجد، وإنما يدل على أن الصلاة عليها في المساجد سائغة، وفضل الصلاة في المسجد وميزتها إنما تكون في صلاة الجماعة، فهنا لها فضل وميزة على غيرها، وقد جاء في الحديث:(صلاة الجماعة تفضل صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة)، وفي رواية:(بخمسة وعشرين جزءاً).
فالمقصود: أنه في الحديث السابق نفي شيء خاص، وليس نفي الأجر، فإن الأجر والثواب حاصلان، وقد قالوا: إن الصلاة على الجنازة في المسجد قد يترتب عليها أن الذي يصلي في المسجد قد ينصرف ولا يتبع الجنازة، وإذا ذهب إليها وصلى عليها في الأماكن التي يصلى على الجنائز فيها فإنه يكون قد ذهب خطوات من أجل الصلاة على الجنازة، فيؤجر على ذلك، ويحصل على القيراطين المذكورين في الحديث، وأيضاً فإنه يسهل عليه أن يذهب لتشييعها واتباعها، بخلاف ما لو صلى في المسجد فإنه ينصرف ولا يتبع الجنازة.