هل تعتبر مسألة دوران الأرض وكرويتها من المسائل العقدية التي ينبني عليها ولاء وبراء أم أنها من المسائل الاجتهادية؟
الجواب
هي من المسائل الاجتهادية كما هو معلوم، لكن النصوص التي وردت في الدلالة على الكروية ما فيها إشكال، وإنما الكلام في الدوران، فهو الذي فيه الإشكال، وأما كونها كروية فهذا أمر مفروغ منه، ومن قديم الزمان ذكره العلماء، وليس هو من مبتكرات القرن العشرين، فإنه جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وقد ذكره ابن كثير عند تفسير قول الله عز وجل:{يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ}[فاطر:١٣] في آخر سورة فاطر نقلاً عن تفسير ابن أبي حاتم، ونقل بإسناد صحيح أنه قال عن الشمس: إنها تظهر على أناس وتغيب عن أناس.
وهذا لا يكون إلا عن طريق الكروية؛ لأنه لو كانت الأرض سطحاً لطلعت الشمس على الناس دفعةً واحدة، لكن كونها تغيب عن أناس وتظهر على أناس يدل على كرويتها، وهذا جاء عن ابن عباس بإسناد صحيح من قديم الزمان.
وكذلك -أيضاً- جاء عن أبي محمد الجويني والد إمام الحرمين في النصيحة التي نصح بها زملاءه ومشايخه ليخرجوا من مذهب الأشاعرة كما خرج؛ لأنه كان أشعرياً ثم هداه الله لمذهب أهل السنة، وكتب نصيحةً يشفق فيها على شيوخه وعلى زملائه، وكان مما ذكر فيها أن الإنسان لو انطلق من نقطة من الأرض متجهاً إلى الغرب وواصل فإنه سيأتي إلى مكان انطلاقه من الشرق، وأبو محمد الجويني متقدم.
والجغرافيون يستدلون على كروية الأرض بأشياء، يقولون: إذا أقمنا ثلاثة أعمدة متوازية ثم نظرنا إليها في المنظار سنجد إنها ليست متساوية.