معنى ذلك أنه من جملة المخلوقات، وأنه مضاف إلى الله إضافة تشريف، لا إضافة صفة إلى موصوف؛ لأن المضاف إلى الله عز وجل نوعان: إضافة معاني وإضافة أعيان، فإضافة المعاني هي من إضافة الصفة للموصوف، وإضافة الأعيان من إضافة الخلق إلى الخالق، كعبد الله وبيت الله وناقة الله، فكلام الله من جنس عبد الله وناقة الله عند المعتزلة، أي أنه من إضافة المخلوق إلى الخالق، وأما أهل السنة والجماعة فيقولون: هو من إضافة الصفة إلى الموصوف؛ لأن الله عز وجل هو الخالق، وهو الرازق، وهو سبحانه بذاته وصفاته الخالق ومن سواه المخلوق، فكلامه من جملة صفاته وهي ليست مخلوقة، بل إن الخلق يكون بالكلام كما قال:{إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ}[النحل:٤٠]، فقوله:(كن) كلام يكون به الخلق.
وهناك لوازم باطلة على قول المبتدعة: إنه مخلوق، فيلزم أن جبريل ما سمعه من الله، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم ما سمعه من الله، وموسى ما سمعه من الله، والملائكة لم يسمعوه من الله، وأن الكلام الذي حصل إنما خلق في مكان وظهر من ذلك المكان، ولهذا يقولون: إن كلام الله عز وجل خلقه الله في الشجرة، وظهر الكلام من الشجرة، ولم يظهر من الله! ومعلوم أن الذي يتكلم به هو الذي قال:{إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[القصص:٣٠]، وما قالت الشجرة: إني أنا الله رب العالمين، يقول بعض أهل العلم: إذا كانت الشجرة هي التي ظهر منها الكلام، فما هي الميزة الذي تميز بها موسى؟ بل يكون الذي سمع من الملائكة أحسن ممن سمع الشجرة.